ولم يقل: مع المغرقين إشارة إلى أن من له عقل وهمه ينبغي أن يكون تحفظه على صون نفسه؛ لأن حفظ الأديان له من حفظ النفوس، وذكر هنا الزمخشري وابن عطية أن هذا الولد لم يكن ابن رشد، وإنما كان ابن زنا، قال ابن عرفة: وعادتهم ينكرون هذا فإن الأنبياء معصومون من أن ينسبوا لأنفسهم ما ليس لهم، قال: والدليل على ذلك قوله في سورة التحريم (فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا) فدل على أنه طلب نجاة زوجته من العذاب، فلم يسعف بمطلبه، فهو بريء من ذلك، ولو كان له في ذلك من ذلك ذنب لما كان في [وسعه*] أن يطلب نجاتها من العذاب.
قوله تعالى: ﴿سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ... (٤٣)﴾
قال ابن عرفة: هذا على أسلوب المنطق من أن [الموجبة*] الجزئية ترتفع بالسالبة الكلية، قال: ويعصمني إنما هو بمعنى يحفظني، وإن [**جعلنا بمعنى] فيرد فيه إشكال وهو أن المتبادر للفهم إن كان يقال [**بمنع العاصم؛ لأنه هو الذي يتضرر بالماء، ويتسبب فيما يمنع العاصم أن يضره].
قوله تعالى: (لَا عَاصِمَ الْيَومَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ).
استثناء إما منفصل أو متصل؛ فإن كان المراد لَا معصوم؛ أي لأن العصمة [... ].
قوله تعالى: (إِلَّا مَنْ رَحِمَ).
[لا عاصم اليوم من الطوفان إلا من رحم الله*] (١)، وإما أن المراد إلا الراحم، والراحم هو الله تعالى لَا غيره، وجعله ابن عطية مستثنى من المفهوم فهو، كما يقول الزمخشري: مستثنى من أعم الأعم؛ لأن نفي العاصم يستلزم نفي المعصوم باستثناء المرحوم من رحم لازم لَا بها، وقيل: إنه استثناء منقطع، قال: وعادة الطلبة يقولون: جاء الحكم في زيادة لفظ اليوم مع أن العاصم من أمر الله منفي مطلقا، قال: فمفهومه أنه موجود في غير ذلك اليوم، قال: وأجيب بأنه مفهوم موافقة؛ لأن الإنسان ما يطلب على العاصم والمنجي إلا عند نزول الشدائد به والمصائب، أما إذا كان بمنجاة منا فلا يطلب عليه بوجه فإذا انتفى العاصم حالة الحرص على طلبه والحاجة إليه فأحرى أن ينتفي حالة عدم الحرص على طلبه والبحث عنه.
قوله تعالى: ﴿وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ... (٤٤)﴾

(١) العبارة في المطبوع غير مفهومة، ونصها "أي ذو لبن وذو تمر" والمثبت من الكشاف. اهـ


الصفحة التالية
Icon