الحالية لَا من لفظ الأمر، وأخطأ ابن عطية هنا في أمرين؛ أحدهما أنه قال: وقرأ بعضهم (٤٦) [(إنهُ عَمِلَ غَيرَ صَالِحٍ) *] وهي قراءة الكسائي: [وروت*] هذه القراءة أم سَلمة وعائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وضعفها الطبري وطعن في الحديث؛ لأنه من طريق شهر بن حوشب، قال ابن عرفة: فتح الميم غير متواترة وهذا خطأ، الثاني: قوله في ولد نوح [إنه ليس*] يؤكده، وأن امرأته خائنة فيه، وأخطأ أبو حيان وقال: قرأ حمزة والكسائي (تَسْأَلَنِّ) بالنون والياء وليس [كذلك*]. إنما قرآ بالنون لا غير*] (١).
قوله تعالى: (إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ)
وقال في سورة الأنعام (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ) وتكلم عليها ابن عطية هناك، وتقدم لنا نحن الكلام عليها بما فيه كفاية.
قوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ... (٤٧)﴾
ابن عرفة: كان بعضهم يقول: معناه أن أسألك ما ليس لي به علم بإباحة السؤال عنه، ولا يسأل الإنسان إلا عن ما ليس له به علم، وقال (إِنِّي أَعُوذُ بِكَ) بلفظ المستقبل، وكذلك في سورة قد أفلح (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ)، وقال في سورة الدخان (وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ) بلفظ الماضي، فكان بعضهم يقول: حكمة ذلك أنه إن كان المستعيذ تقدمت منه حالة منافية لحالة الاستعاذة؛ فيؤتى بفعل الاستبعاد مستقبلا، ونوح عليه السلام تقدم عنه السؤال، وموسى عليه السلام ينتهي عنه سؤال.
قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ).
قال أكثر النحويين على أن حتى حرف غاية، وأن الغاية لازمة لها مطلقا، وقال ابن خروف في شرح سيبويه، قوله تعالى: (مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) الزوج يطلق على الذكر وحده وعلى الأنثى وحدها، لقوله تعالى: (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ)، ولو كان إنما يطلق على مجموع الزوجين لقال أربعة أزواج، وقدم الحيوان غير العاقل على الأهل؛ لأنه أقل لهم قدرة على القيام بأنفسهم بخلاف غير العاقل.
وهذا نص في البحر المحيط هكذا:
"وَقَرَأَ الصَّاحِبَانِ: تَسْأَلَنِّ بِتَشْدِيدِ النُّونِ مَكْسُورَةً، وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُمْ أثبتوا الياء بَعْدَ النُّونِ، وَابْنُ كَثِيرٍ بِتَشْدِيدِهَا مَفْتُوحَةً وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: تَسَالْنِي مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ، مِنْ سَالَ يَسَالُ، وَهُمَا يَتَسَاوَلَانِ، وَهِيَ لُغَةٌ سَائِرَةٌ. وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ بِالْهَمْزِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ وَكَسْرِ النُّونِ وَتَخْفِيفِهَا، وَأَثْبَتَ الْيَاءَ فِي الْوَصْلِ وَرْشٌ وَأَبُو عَمْرٍو، وَحَذَفَهَا الْبَاقُونَ". اهـ (البحر المحيط. ٦/ ١٦٢).