قال الزمخشري: أنشأ آباءكم.
وقال الفخر: أنشأنا من المني، والمني من الدم، والدم من الأغذية، والأغذية من النبات، والنبات من الأرض. قال ابن عرفة: وهذا أحسن ولا يحتاج فيه إلى إضمار.
قوله تعالى: (وَاسْتَعْمَرَكُمْ).
إما بمعنى أنه أعمركم، وإما من العمر أي أبقاكم فيها، أو جعلكم معمرين غيركم أي [**قصور الجنة]، ورده بأنه ليس في هذا نعمة، والآية خرجت مخرج الامتنان.
قوله تعالى: (فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ).
عطف استغفروه بالفاء للسبب؛ أي استغفروه بسبب هذه النعم، وعطف توبوا بـ ثم لأن الاستغفار دعاء وطلب والتوبة فعل، والإنسان ما يحتاج في المطلب إلى تروٍّ، وأما الفعل ولاسيما التوبة فإِنه لَا يقدم عليها حتى يتروى ويفكر.
قوله تعالى: (مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا).
قلت لابن عرفة: إن كان المراد به الزمن القريب من الحال فلا فائدة، فيدفع قوله (قَدْ كُنْتَ)، وإن أراد البعيد فذلك مناقض لمعنى قد، فقال: أتى به ليفيد أنه في الحال غير مرجو.
قوله تعالى: (أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ).
قال ابن عرفة: وذلك أن الإنسان إذا حصلت له [... ] يستحيل له [العلم الضروري*] الذي يستحيل زواله عقلا؛ بخلاف غير هذا، فإن الإنسان قد يكون يشرب الخمر ثم يتركه، ويكون يزني ثم يتوب، وصالح عليه السلام قال (إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ) قول يقال: كان الأصل أن يقول: إن كنت على بينة من ربي فيستحيل رجوعي عن ذلك؛ لأنه من الأمر الضروري الذي يستحيل زواله، فأجاب ابن عرفة: بأن الدليل البرهاني لَا يخاطب به العوام، فأتى بالدليل الخطابي، لأنه هو الذي يفهمونه.
قوله تعالى: (لَكُم آيَةً).
قال: آية حال، والحال من شرطها عند ابن عصفور الانتقال، وهذه ليست إلا آية، فأجاب بوجهين:


الصفحة التالية
Icon