الفعل المتقدم، والفعل يقتضي التجدد فأكده وبقي على ما هو عليه من اقتضائه التجدد، ورده ابن عرفة بأن قام زيد قياماً أبلغ من زيد قائم، قلت: وهنا ذكر أبو المطرف ابن عمير كلام السكاكي وهو أن الفعل يقتضي التجدد، والإخبار بالاسم يقتضي الثبوت، قال: هذا الرأي غريب ولا مستند له بعلمه إلا أن يكون قد سمع أن في مقولة أن يفعل وأن لَا يفعل، هذا المعنى من التجدد بحسب هذا الفعل القسيم للأسماء فذهب في غير طريق، ثم قال بعد كلام طويل: إن الثبوت صفة لَا بد لها من محل ومحلها السلام إذ هو الثابت، فهذا السلام إن كان المراد به المنطوق به المسموع بالصوت والحروف فقد تساوت السلامات في الحدوث؛ بل سلام الملائكة أسبق، وإن أراد به الكلام النفسي فقد تساوى أيضا في الشعور بدونها أن الإعراب هنالك، وإنما الإعراب للألفاظ المسموعة والمكتوبة، قال ابن عرفة: وهذا كلام في غاية الضعف، وعليه كان الفقيه أبو الطيب الفزاري: قال لي: لو مكني جمع نسخ ابن عميرة كلها لأحرقتها، وتعقبه عليه في قوله: إن الإخبار بالاسم يقتضي الثبوت غير صحيح.
قال الزمخشري: ذكره في قوله هذه السورة (ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ)، فانظر تجده فيه مستوفى، وذكر أيضا الزمخشري نحوه في أول سورة إبراهيم في قوله تعالى: (وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَاب شَدِيدٍ)، وذكره أيضا الزمخشري في سورة الفاتحة في قوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
قوله تعالى: (فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ).
قلت له: لَا يصح أن يكون ما موصولة بمعنى الذي؛ لأنكم قلتم: إن المراد هنا إبراهيم فلا يصح أن يقع إلا بها ما لَا يعقل، فإِن قلتم: المراد بها العجل فأين العائد، فإِن قلتم: العائد الذي في لبث، قلت: اللبث من صفة إبراهيم لَا من صفة العجل.
قوله تعالى: ﴿وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ... (٨١)﴾
قرأ بالرفع والنصب، قال أبو عبد الله: ولو قرئ: ولا يلتفتُ برفع الفعل لصح رفع امرأتك ولكنه نهي؛ فلو استثنيت منه المرأة للزم إباحة الالتفات إليها فيفسد معنى الآية، قال ابن عطية: هذا مردود فإنه مستثنى من (أَحَدٌ) رُفعت التاء أو جزمت، وأجاب ابن عرفة: بأنه على قراءة الجزم يكون نهيا عن الالتفات؛ فيدل على إباحة ضده؛ بخلاف الرفع فإِنه نفي ونفي الشيء لَا يدل على ثبوت ما عداه بوجه.