قلت لابن عرفة: هلا قال إن مولاي بما تعملون محيط؛ لأنه لفظ يدل على القهر؟ فقال: من نصرك على عدوك فقد رحمك برحمته لشعيب.
قوله تعالى: (هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ).
قالوا: المراد جميع بنات آدم، وقيل: المراد بنات لوط عليه السلام؛ فأورد على هذا أنه لم يكن له غير ابنتين فقط، وقد قال: (وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ) فكيف يعطي ابنتيه للجميع؟ فأجاب ابن عرفة بأن كلام لوط مع الأشراف الحاكمين على قومه، [ولم يخاطب بقوله*] (هَؤُلاءِ بَنَاتِي).
قوله تعالى: [(فَأَسْرِ).
قرئ [فاسر*] من [سرى*]، و (فأسر) من [أَسْرى*]، فقيل: ما الحكمة في قوله: (بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) دون في والسري لَا يكون إلا بالليل؟، فقال: ظاهر لفظ السري أنه في أول أزمنة الليل، فقال: يقطع من الليل ليفيد التوسعة، فإِنه لو سرى قبل انقضاء آخر أزمنة الليل لعد متمهلا.
قوله تعالى: (وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ).
قرئ بالرفع بدل من أحد، قال ابن عطية: بل يلزم على القراءتين معا.
قال ابن عرفة: وهذا عندي غير صحيح؛ لأنه على قراءة الجزم يكون نهيا عن الالتفات والنهي عن الشيء يقتضي الإذن في ضده، بخلاف ما لو قرئ بالرفع فإِنه يكون خبرا منفيا، ونفي الشيء لَا يقتضي ما عداه، قال: إنه مثل قولهم: لَا لنهي لوط أي لَا تدع أحد منهم يلتفت، وحينئذ يصح الاستثناء ولا سؤال.
قوله تعالى: (وَاسْتَغفِرُوا رَبَّكُم ثُمَّ تُوبُوا إِلَيهِ).
قال: لم أضاف الرب إليهم أولا ثم إليه ثانيا؟، فالجواب: أن الجملة طلبية فهو طلب منهم الاستغفار فناسب وصف الربوبية المقتضية للحنان والرأفة على طلب ذلك، والطلب لَا يقتضي حصول الجملة، والجملة الثانية خبرية تقتضي حصول المخبر به لأنها مثبتة [... ] لهم من الله رأفة ولا حنان فناسب إضافة الرب إليه في الخبر، وإضافته إليهم في الطلب [... ] لَا يقتضي حصول المطلوب؛ لأن الإنسان لا يطلب إلا ما لم يكن له حالا وقد يطلب ولا يحصل له شيء.


الصفحة التالية
Icon