الرحم من غير ذي المحرم قسمان: فمن يعتق على الإنسان أشد حرمة ممن لَا يعتق عليه، وأما غير المحرم فهو كالأجنبي.
قيل لابن عرفة: والرحم المحرم ينبغي أن يكون من جهة الأم؛ لأن الرحم إنما هو بالأم، فالعم للأب فليس من ذوي الأرحام إذا لَا يجمع بينهما الأم، وإنما يجمعان في الأب.
قوله تعالى: ﴿وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ... (٢)﴾
ابن عرفة: منهم من يجعله من إقامة السبب مقام المسبب، أي: واحفظوا أموال اليتامى عليهم لتعطوها لهم إذا كبروا، فحفظها عليهم في حال الصغر سبب في إعطائها لهم إذا رشدوا فوقع الإيتاء، وهو المسبب موقع سببه وهو الحفظ، ابن عرفة: وتقدم لنا أن هذه الإضافة إضافة استحقاق، لَا إضافة ملك، ومعناه إلى أن يستحقوها إما بالاحتياج إلى الإنفاق، وإمَّا بالرشد، ولو كانت إضافة ملك للزم تخصيصها بالرشاد، ويكون (وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُم) إذا رشدوا لَا مطلقا.
قوله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى... (٣)﴾
علقها بأن دون إذا مع أن هذا كان عندهم واقعا محققا، فأجاب ابن عرفة بأنه إذا ثبت الجواب مع الخوف المشكوك في وقوعه فأحرى أن يثبت مع المحقق أبو عبيد: (خِفْتُم) بمعنى أيقنتم، ابن عطية: لَا يكون بمعنى اليقين بوجه، وإنَّمَا هو من أفعال التوقع؛ لأنه قد يميل فيه الظن إلى أحد الجهتين، ابن عرفة: الخوف يكون من أمر متيقن ومن أمر مظنون، ومن أمر مشكوك فيه فالنَّاس مختلفون إذا رأى حائطا مائلا جلس بإزائه، ولا يخاف ولما يخاف يهرب مسرعا، وآخر يمر من بعيد، وآخر يهرب من ذلك الطريق، واحتج أهل الظاهر بهذه الآية فبعضهم أخذ منها نكاح تسع زوجات، وبعضهم أخذ ثمانية عشر؛ لأن معناها اثنين اثنين، وثلاثة ثلاثة، وأربعة أربعة فعدد المكرر، وبعضهم عد الأربعة مرتين فجوز نكاح ثمانية والإجماع على خلاف ذلك، ومثل هذا لَا يعد خلافا.
قوله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلُّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ).
ابن عرفة: احتجوا بها على عدم وجوب النكاح؛ لأنه خير بينه وبين التسري أي فانكحوا واحدة، أو تسروا ما ملكت أيمانكم والتسري غير واجب فيكون النكاح غير واجب، وأجيب بأن سياق الآية في النكاح فإن المعنى فانكحوا واحدة، أو انكحوا ما ملكت أيمانكم فيكون مجيزا بين نكاح الحرة، وبين نكاح الأمة، وهو أخف من نكاح