لأن قبلها (فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ) فإنه لم يعين منهم، فيقولون المنافقون نحن هم.
قوله تعالى: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا).
ولم يقل: إن كيد أولياء الشيطان مع أنه جعلهم أولياءه والولي هو الناصر، فهم ينصرون النصير فما المناسب إلا سبب الضعف لَا الشيطان، ثم أجاب: إنه كقول هؤلاء أولياء هذا الملك بمعنى أنهم ينصرون طريقته ويحرمون حرمته فإذا ضعف سلطانه ضعف حرمتهم له.
قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ... (٧٧)﴾
الصواب عندي أن الضمير في (قَالُوا) عائد على الفريق الذين يخشون النَّاس كخشية الله قالوا هذه المقالة.
قوله تعالى: (إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ).
قال بعضهم: فيها حجة للمعتزلة القائلين: بأن المقتول له أجلان.
ورده ابن عرفة؛ لأنه لو كان كذلك لمات كل من حضر القتال؛ لأن بعضهم يموت وبعضهم يعيش.
قوله تعالى: ﴿مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ... (٧٩)﴾
قال ابن عرفة: إن كان الخطاب للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فالصواب أن الأولى موصولة، والثانية شرطية؛ لأن الشرط على سبيل الفرض والتقدير فلا تقتضي الوقوع بوجه، فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم تصبه سيئة، ابن عطية: وهذه مناقضة لما قبلها، لأن قبلها (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)، ثم قال هنا: (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ)، ثم أجاب: بأن الأول على سبيل الخلق والاختراع فالله هو الفاعل [... ]، والثانية باعتبار قاعدة الكسب وجواب ثان بأن الأول بالنظر إلى الحقيقة، والثاني بالنظر الألي إلى الأمور العاديات، فإن قلت: لم قال في الأول (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)، وقال هنا: (فَمِنَ اللَّهِ) ولم يقل: فمن عند الله، قلنا: لَا فالأول يشمل الخبر والنهي بأن اللفظ الأعم وهو عند، ولما كان الثاني خاصا بالحسنة نسبها إلى الله مباشرة.


الصفحة التالية
Icon