بهذا العالم كإحاطة الجملة من يقلد بالسيف، وقيل: إنها سنة ممكنة ومن أجل ذلك وضعوا الاسطرلاب الحوتي الجنوبي، قال: والصحيح عندهم إنها كورية وإن السماء كورية.
قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ... (٣)﴾
أي بسطها، ابن عرفة: استدل بعضهم بهذا على أن الأرض بسيطة ولا دليل له في ذلك لأن إقليدس الهندي قال: إن الكرة الحقيقية لَا يكون إقامة الزوايا والخطوط عليها بوجه ونحن نجد الأرض يقام عليها الخطوط وغير ذلك وتراها مستوية وذلك من أول دليل على إنها وإن كانت كورية فإِنها ليست كالكورية الحقيقية بل أعلاها مستو كبعض الكور التي تكون مسطحها مستويا.
قوله تعالى: (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ)، (وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ) قلت لابن عرفة: ما الحكمة في الرواسي مع أن جعل الأرض وحدها من غير رواسي أبلغ في كمال قدرة الله تعالى لأنه ربما يتوهم المتوهم أن ثباتها لأجل الرواسي ولو كانت دونها لمالت بأهلها ولو ثبتت؟ فقال: أو [... ] وهو أن [... ] في غاية الثقل والأرض معها وهما في الفضاء يحملها نور على ظهر حوت تحملها معا أبلغ في كمال القدرة.
قوله تعالى: (وَأَنْهَارًا).
قيل لابن عرفة: لم جمع الأنهار جمع قلة، والرواسي جمع كثرة، مع أن الأنهار فيما نشاهد أكثر من الرواسي؟ فأجيب: إما بأنها لم يسمع فيها إلا جمع القلة وإما إشارة إلى أن أنهار الدنيا على كثرتها بالنسبة إلى قدرة الله تعالى قليلة تافهة لأنه قادر على خلق أضعاف أضعافها.
قوله تعالى: (وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ).
قيل: إنه معطوف على قوله: (رَوَاسِيَ) فيكون متعلقها يجعل الأول، وقيل: إنه متعلق بجعل الثاني، ورده ابن عرفة: بأن فيه الفصل بين المعطوف وحرف العطف، قال ابن عصفور في شرحه الكبير: ما نصه ولا يجوز الفصل بين حرف العطف والمعطوف إلا بالقسم أو بالظرفية أو الجار والمجرور بشرط أن يكون حرف العطف على أزيد من حرف واحد، و (جعل) هنا معطوف على (جعل) الأول يفصل بين الواو و [(فيها) *] بالمجرور، قلت لابن عرفة: هذا [جائز أن*] يجاب بأنه من عطف الجمل فيكون تأسيسا.


الصفحة التالية
Icon