السماوات والأرض؟ فلا بد أن يقول: هو الله كما قال (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُم مَنْ خَلَقَهُم لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) وقال مكي: هو خطاب للجاهل [... ] [**فيجده مخبر عالم فخبر] (١).
قوله تعالى: [(أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ) *].
المعطوف عليه مقدر أي كفرتم أي أفاتخذتم قوله: [(مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ) *] صفة فيه ثلاثة أسئلة، الأول: لم قال (من دونه) وهم اتخذوهم شركاء مع الله؟ وجوابه: [إن*] نظرنا إلى نفس اتخاذهم وليا وناصرا بالنوع، فلا شك أنهم شركوا في وصف النصرة والولاية [بين الله وعبده*]، وإن نظرنا إلى اتخاذهم وليا وناصرا بالنوع، فلا شك أنهم بالشخص، فلا شك أن هذا لَا يصح فيه الشركة، وقد ذكر ابن التلمساني في مسألة الصلاة في الدار المغصوبة: أن الواحد بالشخص لَا يصح انقسامه إلى مأمور [... ] والواحد بالجنس أو النوع يصح فيه ذلك ومثله [السجود لله*] والسجود للصنم، السؤال الثاني: لم قدم المجرور على أولياء والأصل تقديم المرفوع ثم المنصوب ثم المجرور؟ وجوابه أنه قدم أشرفه بإضافته إلى الضمير لله، يقال السؤال الثالث: لم غير اللفظ وهلا قال فاتخذتم من دونه أربابا؟ وجوابه أن الأولياء أعم من الأرباب لأن الولي والناصر قد يكون ربا وقد لَا يكون ونحوا على الوصف الأعم وهو طلبهم النصرة من غير الله فيلزم منه الذم على الوصف الأخص وهو اتخاذهم أربابا من دون الله من باب آخر ولو قيل: اتخذتم من دونه أربابا لأفاد التوبيخ على هذا الوصف الأخص لَا على ما دونه وهو دفع المضرة.
قوله تعالى: (نَفْعًا وَلَا ضَرًّا).
إن قلت: لم قدم نفي النفع على نفي الضر مع أن دفع المؤلم أكد وأولى من جلب المؤلم فهل قصد الترقي أم غير ذلك؟ فالجواب: إن ذلك إنما هو من باب الثبوت بعدم الضر لأن دفعه إما من جلب النفع، وإما في النفي بعكس الأمر لأنه لَا يلزم من عدم القدرة على دفع الضر الذي هو آكد وأنهم على [... ] عدم القدرة على جلب النفع، ولا ينعكس، والعطف يقتضي المغايرة فقدم النفع ليكون الثاني تأسيسا وزيادة في بيان عجزهم وترقبا ولو قدم الضرر لكان الأول مستلزم للثاني فيكون عطف عليه وأدخل في ضمنه فيصير بسببه عطف الخاص على العام.
قوله تعالى: (وَلَا ضَرًّا).
قال ابن عرفة: الأكثرون يقولون إن تكرار لفظ: (لا) تأكيد وقال [السهيلي*]: إذا قلت: ما قام زيد وعمرو احتمل أن يريد نفى القيام عنهما مجتمعين، فإذا قلت: ما قام

(١) النص عند مكي هكذا
"من رب السماوات والأرض، ومدبرها؟ (قل الله) أتى الجواب والسؤال فيه من جهة واحدة. وذلك على تقدير أنهم لما قيل لهم: من رب السماوات والأرض، (ومدبرها). جهلوا الجواب فقالوا: ومن هو؟ فقيل لهم الله: ومثله: ﴿مَّن يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ الله﴾.
وهو كثير في القرآن: يأتي السؤال والجواب من جهة واحدة، من جهة السائل. وإنما حق الجواب أن يكون من جهة السؤال، لكن أتى الجواب من جهة السائل، والجوابِ: على معنى أنهم جهلوا الجواب، وطلبوه من جهة السائل: فأعلمهم به السائل، فصار السؤال والجواب من جهة واحدة". اهـ (الهداية إلى بلوغ النهاية. ٥/ ٣٧١٣).


الصفحة التالية
Icon