زيد ولا عمرو أفاد نفي القيام عنهما وعن كل واحد منهما فيجيء نسبة الكلي والكلية تكررت لَا ليفيد نفي القدرة على كل واحد من الضرر والنفع، فإن قلت: هذا مردود يقول النحويين في لَا تأكل السمك وتشرب اللبن بالجزم أنه يقتضي نصبه عنهما بالإطلاق مجتمعين ومفترقين، وأجاب ابن القصار: بأن ما قام زيد وعمرو من عطف المفردات فيقتضي الجمعية، وقولك تشرب اللبن من عطف الجمل فلا يقتضي الجمع وإنما هو استئناف بدليل أنهم قالوا في وتشرب اللبن بالنصب أنه نهاه عنهما مجتمعين وما ذلك إلا لأنه يؤدي إلى عطف مفرد، قلت له: بل هو في عطف فعل على فعل أعني وتشرب بالخفض، فقال: عطف الفعل على الفعل لم يذكره أحد سوى ابن عصفور فإنه قال: العطف حمل اسم على اسم أو فعل على فعل ومثله قام وقعد زيد وهو في الحقيقة جملة على جملة.
قوله تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ).
ابن عرفة: مقام الإكرام والتبشير فينا فيه مساواة الفاضل للفضول ومقام الإنذار والتخويف على العكس فلذلك بدأ بالأعمى وجمع الظلمات وأفرد النور لتعدد طرق الشك واتحاد طرق الإيمان، قاله الزمخشري في أول سورة الأنعام، فإن قلت: الأعمى في الآية مقابل للظلمات فلم أفرده وجمعها؟ قلنا: نفي مساواة الأعمى للبصير يدركها كل أحد والظلمة جنس مفرد في سياق الثبوت يقع على القليل والكثير كالنور، وقيل مساواة النور لمطلق الظلمة مما يخفي على الأنبياء وكثير من النَّاس فإنه قد لا يظهر منها فرق بخلاف الظلمات المجتمعة المتراكب بعضها على بعض فإنه لَا يخفى على أحد إنها لَا تساوي النور فلذلك جمعها.
قوله تعالى: (خَلَقُوا كَخَلْقِهِ).
هذه [تقضي*] بكفر المعتزلة القائلين بأن العبد يخلق أفعاله، وقوله: (فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ) دليل على صحة العمل بالقياس لاقتضائها أن معبوداتهم لو كانت خالقة لكان عبادتهم لها وجه من النظر وهو أنهم يقولون هذا خالق فانتفى أن تصح عبادته قياسا على عبادة الله ولهذا يستدل المتكلمون على وجود الله (١) بحدوث العالم، وقوله (وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ... (١٧).. قال الزمخشري: [كالفلز*]، ابن عرفة: هو كل ما يلين من المعادن فإِذا برد اشتدّ وليس كالذهب والفضة والحديد والنحاس والمتاع كل ما يتمتع به أواني الحديد والنحاس والرصاص والحلية كل ما يحلى به من الذهب والفضة وغيرها.
قوله تعالى: (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً).