ترتيب المعطوفات على حسبها في الوجود الخارجي فوجود الأب سابق على وجود زوجتك سابق على وجود ولدك ودخول الأبناء الجنة إما لصلاحهم أو لصلاح آبائهم كما قال: (وَكَانَ أبُوهُمَا صَالِحًا)، وقوله: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) أو العكس.
وهو أن دخول الآباء سبب للأبناء كما في الحديث "من قرأ القرآن وعمل ما فيه ألبس والديه يوم القيامة تاجا ضوؤه أحسن من ضوء الشمس" لذلك قال الشاطبي:
[هَنِيئاً مَرِيئاً وَالِدَاكَ عَلَيْهِما... مَلاَبِسُ أَنْوَارٍ مِنَ التَّاجِ وَالحُلاْ*]
قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ... (٢٥)﴾.. ابن عرفة: هذا دليل على أن العهد يطلق على الوعد وعلى الأمر المشتق الملتزم ولو كان العهد هنا الميثاق لما كان لقوله (مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ) فائدة، قال: وكان بعضهم يقول إنها مباينة لما قبلها، ووقعت المبالغة فيما قبلها بتسعة أوصاف وفي هذه بثلاثة أوصاف، لأن الأولى في معرض الجزاء على الطاعة وعدم المبالغة في هذه تنفير أو هذه في معرض العقوبة على المعصية فناسب المبالغة في الأولى تأكيدا على انحساره على الطاعة وعدم المبالغة في هذه تنفيرا عن المعاصي وإن العقاب يقع على أدنى شيء من المعصية، قال بوجه ثان: وهو أن نقض العهد إشارة إلى العهد المأخوذ على الخلائق يوم السبت بربكم فهو راجع للتوحيد وقطع ما أمر الده بوصله، راجع إلى الإيمان بالرسول لأن تكذيبه قطع له عم مرسله والإيمان به إقرار بصلته مع رسله والفساد في الأرض راجع إلى المعاصي، ابن عرفة: وفي الآية عندي حجة لمن يقول إن المندوب غير مأمور به لأنها في معرض الذم الفاعل ذلك، فلو كان مأمورا به لما تناوله الذم، قال: وليس المراد منه جمع هذه الأوصاف بل من اتصف بواحد منها فقط.
قوله تعالى: (أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ).
إدخال اللام تهكم بهم إشارة إلى أن اللعنة أمر ملائم لهم ومناسب لفعلهم واللعنة للكفار وبسوء الدار للعصاة فهو لف ونشر.
قوله تعالى: ﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ... (٢٦)﴾
ابن عرفة: هذا كالدليل على ما قبله لأنه تقدم ذكر فريق المؤمنين وفريق الكافرين أتى بهذا نفيا لما قد يتوهم من أن إيمان المؤمن وكفر الكافر من قبل نفسه أي كما تعلمون أن البسط في الرزق والإقتار من فعل الله ليس للعبد فيه قدرة فكذلك اعلموا أنه


الصفحة التالية
Icon