ابن عطية: الآية توبيخ للمؤمنين، ابن عرفة: هذه عبارة ثقيلة، والصواب أنها عتاب للمؤمنين.
ابن عرفة: وأخذوا منها أصلين:
الأول: ترجيح الاتفاق على الاختلاف وإنما الخلاف شر، فإذا تعارض حمل الأقوال على الاتفاق أو على الاختلاف نحملها على الاتفاق، وأجيب: بأن تلك في العقليات والاعتقادات، وأما الأمور الشرعية فلا ينتج هذا فيها بوجه؛ لأن هذا أمر اعتقادي عقلي ديني.
الثاني: إذا تعارض الأصل والغالب فالغالب مقدم، والأصوليون يرجحون تقديم الأصل، وقد رجح مالك رحمه الله في مسائل منها قوله في الحمار [قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْحِمَارَ الْوَحْشِيَّ إذَا دَجَنَ وَصَارَ يُعْمَلُ عَلَيْهِ كَمَا يُعْمَلُ عَلَى الْأَهْلِيِّ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا صَارَ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ فَلَا يُؤْكَلُ] الوحشي: إذا [إذَا دَجَنَ وَصَارَ*] (١) يحمل عليه أنه لَا يؤكل مراعاة للغالب، ولو راعى الأصل لجاز أكله وهنا كذلك؛ لأن من يقول بإيمان المنافقين راعى الأصل؛ لأنهم كانوا مؤمنين، ومن يقل بكفرهم راعى الغالب وهو ما ظهر من حالهم في عدم عزتهم وعدم قتالهم.
قوله تعالى: (أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ).
أي من الله ضلاله.
قوله تعالى: (وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا).
قال ابن عرفة: إن كانت وقتية أي ومن يضلل الله وقتا ما فهذا العموم يجب تخصيصه وإن كانت دائمة أي (وَمَنْ يُضلِلِ اللَّهُ) دائما فاللفظ باق على عمومه من غير تخصيص، فإن قلت: هلا قيل: فلا سبيل له فهو أعم وأبين، فالجواب أنها مسألة بحث فأسند إلى ما يناسب الوجدان المقتضي للبحث والتأمل.
قوله تعالى: ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا... (٨٩)﴾
قال ابن عرفة: إن كانت لو مصدرية فظاهر ذمهم على تمنيهم الكفر، وإن كانت شرطية فما تمنوه حق لازم فيه؛ لأنهم تمنوا الملازمة، والملازمة بحجة كقولك: وديته لو كفر زيد أن يدخل النار إلا أن يقال: إن التمني متسلط على فعل الشرط فقط وهو بعيد.
قوله تعالى: (فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ).

(١) تم جبر هذا السقط من (المدونة. ١/ ٥٤٢).


الصفحة التالية
Icon