يكون قوله (وَلَا أُشْرِكُ بِهِ) حالا لكن خص الأكثرون على أنه لَا يحصل الفعل [للاستقبال]، فقال: يكون هذا حالا مقدرا؛ كقولهم مررت برجل معه [... ] يديه هكذا، الجواب الثاني: أن المراد أمرت أن أعبد الله وأدوم على عبادته إني أعبده عبادة لا يتخللها أو لَا يعقبها إشراك، الثالث: إنما قدمت العبادة لتدل على نفي الإشراك باللزوم ثم بالمطابقة فيدل اللفظ دلالتين وبالله سبحانه وتعالى التوفيق.
قوله تعالى: ﴿وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ... (٤٠)﴾
اختلفوا هل هذا وعد النبي ﷺ بتعذيبهم أو وعيد لهم فأطلق الوعد على الوعيد، ابن عرفة: وقال في الزخرف (أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ) لكن أبلغ لأنها اقتضت رؤية بعض عذابهم وهو ما ينزل بهم في الدنيا، قبل وفاة النبي ﷺ ومعنى الآية إما نرينك بعض ما ينزل بهم أو نتوفاك قبل [رؤيتك*] ذلك، قال ابن عرفة: وفي هذا كمال التسلية للنبي ﷺ وكان بعضهم يقول إن الوعد بالإحسان أو بالنصرة على الأعداء من السلطان والرجل ذو الهيئة ليس في الوعد كمن دونه لأن الأول يحصل منه كمال الطمأنينة والركون، وفي الآية سؤال وهو ما الحكمة في تأكيد الفعلين بالنون من أن أحدهم محقق الوقوع لَا شك فيه، وإنما المهم تعيين الواقع منها علم [... ] نزل تأكيدهما؟ قال والجواب: إن التأكيد راجع للخبر لَا للشرط، قلت له: إنما هو في الشرط يقطع، فقال: الشرط والخبر أمر ببطلان ألا ترى أن القائل إذا قال قام زيد فإنما أكرمه يحسن أن يقال له صدقت أو كذبت، والتصديق والتكذيب إنما هو الخبر لا للشرط.
قوله تعالى: (فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ).
ابن عرفة: وفي هذا عندي اللف والنشر كقوله: (عَلَيْكَ الْبَلَاغُ) يرجع لقوله: (نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) لأنه أنزل العذاب بهم في حياتهم قد يظن هو أن عليه في ذلك [... ] ما لعدم إيمانهم فقبل له أن رأيتهم نزل بهم عذاب فلا يتوهم إن عليك في ذلك شيئا لأنك إنما عليك البلاغ وقد بلغت وقوله: (وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ) يرجع لقوله: (أَوْ نَتَوَفَّيَنكَ) لأنهم إذا عذبوا بعد وفاته أنفى التوهم المتقدم، وقيل له: علينا حسابهم.
قوله تعالى: ﴿مِنْ أَطْرَافِهَا... (٤١)﴾
ابن عطية: أي من خيارها وهو عكس ما قال الزمخشري في (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) قال أي خيارا.