قوله تعالى: (إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ).
وصف العزة مناسب لإخراج النَّاس من الظلمات إلى النور، والعزيز هو الذي لا يمانع، والحميد هو الذي يحمد على أفعاله ومن جملته بعثه الرسل ففيه دليل على أن بعثه الرسل غير واجبة خلافا للمعتزلة فالآية تدل على أنها محض تفضل من الله لنا فلذلك يحمد.
قوله تعالى: ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ... (٢)﴾
فقد رد على المعتزلة لأن من [جملة*] ما فيها أفعال العباد واختلفوا هل المعتزلة كفار لأجل مقالتهم لأنهم نفوا الصفات وإنما هم فساق وعصاة، واختار عز الدين في قواعده عدم بكفرهم، قال: لأنهم إنما قصدوا التبرئة وكيف يكفرون بلازم مذهبهم، وهم قد نصوا على نفي ذلك اللازم، وقالوا: لَا نقول له وكذلك اختار عدم تكفيرهم من قال بالجهة والتجسيم ونظيره لو أمر الملك رجلا ونهى آخر فامتثلا، قوله، وقال أحدهما ملكا أزرق العينين، وقال آخر: بل هو أكحل، وما مقصد كل أحد منهما إلا أن يصفه بالوصف الأكمل إلا بلغ لكن أحدهما يعتقد أن الزرقة أحسن وأبلغ والآخر يقول بل الكحولة أبلغ وأحسن فإن كلاهما معا مصيب وكذلك هو لَا يقطع لكفرهم، قال الشيخ عز الدين: وكان بعضهم يورد مثل هذا على أهل السنة فإنهم اختلفوا هل هو باق ببقاء وقديم بقدم أو بغير بقاء ولا عدم في قديم لذاته وباق لذاته قال فيلزم هؤلاء ما ألزموا المعتزلة، وأجاب بعضهم: بأن المعتزلة نفوا مطلق الصفة من أصل وأهل السنة إنما نفوا بعض الصفة وأثبتوا بعضها.
قوله تعالى: (وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ).
الزمخشري الويل [نقيض الوأل*] إلا أنه لَا يشتق منه فعل، إنما يقال ويلا له، ابن عرفة: يعني بقوله لَا يشتق منه أي من الويل وأما الوال فيشتق منه، قال أبو العباس المبرد في الكامل إن [عيَّاشا*] الكندي من كبار الشجعان [بئيسا فأبلى يومئذ ثم مات على فراشه بعد ذلك، فقال المهلب: لا وألت نفسي الجبان بعد عياش*] (١).
قوله تعالى: ﴿فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ... (٤)﴾
دليل على أن واضع اللغة ليس هو الله تعالى بل العرف حصول العلم عقيب النظر عادي وليس بعقلي إذ لو كان عقل للزم البيان والهداية، قال: ويحتمل أن يقال لَا يلزم ذلك لأن المخاطب قد لَا ينظر النظر الموصل للعلم.

(١) في الأصل المطبوع سقطان واضطراب، والتصويب من (الكامل للمبرد. ٢/ ٢٩٤).


الصفحة التالية
Icon