ولم يقل: فلا يتولوهم؛ لأن النهي إنما هو عن الركون إليهم والطمأنينة لَا عن أوائل الأمر، قال ابن عربي: وفي الآية دليل لمن يقول إن الزنديق لَا تقبل توبته فرده ابن عرفة: بوجهين:
الأول: قوله تعالى: (حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) وما نص في توبتهم.
الثاني: أن الآية في المرتدين؛ لأن هؤلاء مرتدون، وأجيب عن الأول بأن هجرة هؤلاء كانت قبل القدرة عليهم فصاروا كالزنديق إذا تاب قبل أن يقدروا عليه فإنه تقبل توبته.
قوله تعالى: ﴿سَتَجِدُونَ آخَرِينَ... (٩١)﴾
أبو حيان: السين للاستمرار. ابن [عرفة*] يريد أن هذا واقع منهم فيما مضى، وذموا عليه، فهي لتحقيق الوقوع كما في قوله تعالى: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ) قال: والصواب أن يجعلها على أصلها الحقيقي مستقبلة؛ لأن الوجدان لم يقع، وإنما الواقع كذبهم بهذه الصفة لَا العلم بكونهم على هذه الصفة فوجدانهم مستقبل عن آخرين فليس هم الأولون بوجه.
قوله تعالى: (وَيَكُفوا أَيدِيَهُمْ).
إن قلت: لَا فائدة فيه؛ لأن القائم بالسلم يستلزمه فهو أخص منه وثبوت الأخص يستلزم ثبوت الأعم، قلت: إنما هو منفي، ونفي الأخص أعم من نفي الأعم فما يلزم من نفي إلقاء السلم نفي الكف.
قوله تعالى: (حَيْثُ ثَقِفتُمُوهُم).
قال ابن عرفة: عام مخصوص بمكة لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "وإنما أحلت لي ساعة من نهار ولم تحل لأحد قبلي".
قوله تعالى: (سُلْطَانًا مُبِينًا).
إما حجة، وإما قوة وقوله: (مُبِينًا) أي بين في نفسه، أو مبين لغيره، وكذلك الدليل بين الدعوى.
قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً... (٩٢)﴾


الصفحة التالية
Icon