نص عليه في قوله تعالى: (إِنَّ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) فقال: إنما تلك في قصر الصلاة في السفر لَا في الخوف، وقد قالوا: إن بين الآيتين في النزول عام كامل.
قال الزمخشري: والضمير في أسلحتهم إما عائد على المصلين فيأخذوا ما لا يشغلهم عن الصلاة كالسيف والخنجر، وإما على غير المصلين فنقل عنه الطيبي عوده على المصلي فإن قلت: هلا قيل: لو تغفلون عن أسلحتكم وحذركم؛ لأنه هو الذي وقع الأمر به في الآية، قال: وتقدم الجواب بوجهين:
الأول: أن الغفلة عن أحد الأمرين تكفي في حصول المطلوب.
الثاني: أن هذا إشارة إلى جهلهم وبلادتهم في أنهم إنما يريدون الغفلة عن الأمر الحسي وهو السلاح المعنوي.
قوله تعالى: (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى) فيه الإتيان في الجواب بالمطلوب وزيادة، مثل حديث "هو الطهور ماؤه الحل ميتته"؛ لأن السبب الذي ذكروه عن عبد الرحمن بن عوف إنما هو في المرض فقط.
قوله تعالى: (وَخُذُوا حِذْرَكُم) احتراز؛ لأنه لما رفع عنهم الجناح في حمل السلاح حالة المطر والمرض قد يتوهم أنهم يترخصون ويتركون الحذر ولا ينشغلون به فأخبره من ذلك وأمرهم بأخذ الحذر، بل الأمر هنا آكد؛ لأن الحذر من العدو حالة عدم السلاح أشد منه حالة حمل السلاح.
قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا).
قال الزمخشري: إن كان يقال: (وَخُذُوا حِذْرَكُم) إن كان العدو حريصا على قتالكم، أو يقال: (وَخُذُوا حِذْرَكُم) فإن الله أعد لكم أجرا عظيما، ثم أجاب بأن ذلك إشارة إلى ما حصل في قلب العدو من الرعب والإهانة في الدنيا أي بحالة خوف ومهانة وإذلال، بحيث لَا يخافون منهم بوجه وهذا بناء على العذاب، ثم سوى ابن عرفة، ويحتمل أن يكون أخرويا مثل ما قال الزمخشري: ويكون من باب الاستدلال


الصفحة التالية
Icon