قيل لابن عرفة: على القول بأن الرشد مشروط بالعدالة يلزم الدور؛ لأن العدالة في الرشد بكونه مرضيا في أحواله لَا عدالة الشهادة، قاله عياض في الشهادات من التنبيهات.
قوله تعالى: (وَلَا تَأكُلُوهَا إِسرَافًا وَبِدَارًا).
ابن عرفة: الظاهر أنه حال؛ لأن الإسراف هو أن يأكلها وهو غني عنها، أو يكون فقيرا فيأكلها بغير المعروف، وحكى ابن العربي أن الآية منسوخة بقوله تعالى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا) فقال ابن عرفة: إنما يحتاج لهذا لو لم يقل (ظُلْمًا)، وأما مع ذكره فلا تناقض فيمن أكل بالمعروف ولم يأكل ظلما.
قوله تعالى: (فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ).
ابن عرفة: الفاء للتشبيه؛ لأن حفظهم للمال سبب في دفعهم إياه للأيتام، وهل المراد إذا أردتم الدفع فيكون الإشهاد بالمعاينة حين الدفع فإذا دفعتم بالفعل فيكون الإشهاد بعد ذلك.
قوله تعالى: (وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا).
إما وعيد للأيتام إذا أخذوا المال من الأوصياء وجحدوه ولم يعترفوا به.
قوله تعالى: ﴿مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ... (٧)﴾
إما ترق فيكون تأكيدا، أو تدلي فيكون تأسيسا؛ لأنهم إذا أمروا بالإعطاء من القليل فأحرى الكثير، ومنهم من قال: إن القليل ربما تسمح النفس به وبالإعطاء منه بخلاف الكثير.
قوله تعالى: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ... (٨)﴾
عبر بـ إذا دون إن إما إشارة إلى ترجيح الأمر بإرزاقهم منه وتأكيده، وإمَّا لأن حضورهم أمر غالب أكثري وإلا لمجرد وصف القرابة واليتم والمسكنة موجب للأمر بإرزاقهم سواء حضروا أو غابوا فهو مفهوم خرج مخرج الغالب أو العطف تدلٍّ لوجهين: أحدهما شرعي وهو حديث الصدقة على الأقارب صدقة وصلة اليتيم ضعيف لَا قدرة له بخلاف المسكين، والثاني أن القرابة وصف ثابت خيري غير مكتسب، وكذلك اليتيم، وأما المسكين فقد يكون تسوء في إتلاف ماله فلا فتسمح النفس بالصدقة عليه، والآية حجة على أبي حنيفة القائل بتوريث ذوي الأرحام كلهم؛ لأنهم لو كان لهم حظ في الإرث لما أمر الله تعالى برزقهم من المال، وهذا هو الجمع