استقلال كل واحد منهما بالفعل، واستغنائه به عن صاحبه من غير تبعية، فكرر النداء هنا اعتناء بهذا الحكم وتعظيما له.
قوله تعالى: (لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ).
ابن عرفة: إما أن يريد لَا تجعلوها حلالا، أو يريد لَا تفعلوا فيها ما يفعل في الحلال، فالأول يتناول من يفعلها مستحلا لها معتقدا لحليتها فهو كافر، والثاني يتناول عصاة المؤمنين، وفي مثله قال الشيوخ في قول مالك -رحمه الله- في المدونة في كتاب الفرائض: ولا أحب معارضة من يستحل الحرام أو من لَا يعرف الحلال من الحرام، قالوا: معناه من يفعل الحرام كونه حلال مثل سائر العصاة؛ لأنه يعتقد أنه حلال فإن ذلك كافر.
ابن عرفة: قالوا: وهل في الآية اللف والنشر أم لَا على مذهب السكاكي ففيها النشر واللف بالانتقال عن الخطاب المعنوي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) إلى الغيبة، بقوله (شَعَائِرَ اللَّهِ)، ولم يقل: شعائرنا، وإما على مذهب غيره فليس بلف ولا نشر، ووجه اللف والنشر فيها أن اسم الجلالة فيه تعظيم للشعائر وتفخيم لها بخلاف ما لو قال. شعائرنا.
قوله تعالى: (وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ).
قال ابن عرفة: اختلفوا فيمن حلف أنه يصوم الأشهر الحرم، فقيل: تجزئة صومها من عام واحد، وقيل: لَا يصومها إلا من عامين عملا بقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حجة الوداع: "السنة اثنا عشر شهرا أربعة حرم: ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب" انظر فبدأ بذي القعدة فدل على اعتبار كونها في سنتين.
قوله تعالى: (وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ).
إن أريد بالهدْي العموم؛ لأن منه ما يقلد وما لَا يقلد، فالإبل والبقر تقلد بلا خلاف، والغنم عندنا لَا تقلد، وعند غيرنا تقلد فيكون من عطف الخاص على العام،


الصفحة التالية
Icon