ابن عرفة: الرضا إما راجع للإرادة القديمة الأزلية، أو لصفة الفعل باعتبار الإبراز من العدم إلى الوجود، وقيل له: فقوله تعالى: (وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ)؛ فقال: المراد لَا يرضاه حكما شرعيا بل يرضاه في الأزل تعالى أن يكون في ملكه ما لَا يريد.
قوله تعالى: (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ).
أي غير مائل لعذر من الأعذار ليس له، ابن عطية: وقرئ غير [متجنف] (١) وهي أبلغ في المعنى؛ لأن تشديد [العين] (٢) تقتضي توغلا في المعنى ومبالغة وثبوت الحكمة.
ابن عرفة: العكس هنا أولى؛ لأن مجانف منفي، ونفي الأعم أخص من نفي الأخص، ونقل عنه السفاقسي وسكت عنه، والعجب منه كيف لم يتعقبه على علمه بالأصول أوأما أبو حيان فلم تكن له مشاركة في الأصول.
قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ... (٤)﴾
قال ابن عرفة: الاستثناء في القرآن باعتبار الاستقراء هو استعلام حكم ما فيه خصومة، والسؤال استعلام حكم ما ليس فيه خصومة، واستشهد بقوله تعالى: [(وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ) *].
قوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ).
رجح ابن عطية أن المراد بها الحلال سواء كان مستلذا أو لا.
ابن عرفة: فيه نظر لاقتضائه أن المعنى أحل لكم الحلال فهو تحصيل الحاصل.
قوله تعالى: (مُكَلِّبِينَ).
الزمخشري: فالمعنى في تعليم الكلاب الغاية، قال بعض الطلبة: يلزم عليه المفهوم وهو أنه في التعليم لَا يصح الاصطياد بكلبه، وأجاب ابن عرفة: بأن بلوغ الغاية إنما يشترط في التعليم لَا في حكم الصيد بالكلب المعلم.
قوله تعالى: (تُعَلِّمُونَهُنَّ).
أعاد ضمير الجماعة على الجمع الذي للكثرة، فهلا قيل: تعلمونها، كما قال (مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) ابن عرفة: تقدم لنا الجواب بأنه إشارة إلى أن التعليم لَا يمكن مع الكثرة، وإنَّمَا يمكن مع قلة الكلاب، أبو حيان: (مُكَلِّبِينَ)
(٢) بالمطبوع: (الغين). وهو خطأ ظاهر، فإن (متجنف) لا (غين) فيها. والتصويب من تفسير ابن عطية، والمراد (عين الكلمة) أي الحرف الثاني من (فعل)