ابن عرفة: قول ابن عطية يمتنع أن يراد المتزوجات؛ لأن ذات الزوج حرام، إن قلت: المسبية ومعها زوجها حلال، قلت: إن كانت ذمية فليست حلالا تملك اليمين، والآية إنما هي في تزويج المحصنات.
قوله تعالى: (إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ).
ابن عرفة: الصداق هل هو واجب بالعقد أو شرط في الدخول؟ قيل له: قد قال ابن رشد: إنه يحله وليس بعوض عن البضع؛ لأن المرأة تنال من الرجل مثلما ينال هو منها، فقال: قد قال مالك: النكاح أشبه شيء بالبيوع، وكذلك إذا أصدقها طعاما لم يحل لها بيعه قبل قبضه، قال: والصداق هل هو واجب بالعقد أو بالدخول؟ قال: والتحاكم في هذا إلى معنى الحلال هو قبل هو التحليل بالفعل، وبالقابلية والإمكان، ومثاله: أن من عقد على امرأة يقال له هي حلال، وإن لم يعقد عليها وكانت أجنبية عنه، يقال له: هي حلال لك، وإن رضع معها، يقال له: ليست حلالا لك أي بالقوة والقابلية، والأولان حلال بالفعل.
وقوله تعالى: (أُجُورَهُنَّ).
[دليل على أن الصداق لَا حد لأقلِّه*]، وقوله تعالى: [(مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ) أي مسلمين غير زانين بزنا ظاهر، (وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ) أي غير زانين بزنا خفي*]، [والخِدْن هي الزانية برجل تقتضم عليه، ويقتضم هو عليها].
قوله تعالى: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ) أي ومن كفر بفروع الإيمان فهو المناسب لما قبله.
قوله تعالى: (فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ).
جرى مجرى التغليظ والتشديد في العبادة، والمراد بذلك زوال الثواب الذي كان قابلا لأن يحصل له إذا حصل هذه الأمور ولاسيما على مذهبنا أن النكاح مندوب إليه، فهو لما حصل في الإسلام وهيئت له أسباب هذا الثواب بذكرها والأمر بها، فكأنه فعلها وكأنها حاصلة ثابتة، فأشبه قوله تعالى: (يُخرِجُهُمْ مِنَ الظلُمَاتِ إِلَى النورِ) ولم يكونوا في النور [قط*].


الصفحة التالية
Icon