أحدهما: إنما طلب وليا لَا ولدا؛ فلعله يكون له ولد غير الولد لَا ولدا، إما حفيدا، وإما ابن عم، أو ابن أخ أو غير ذلك؛ فلما بشر بالولد استغرب ذلك، فقال: أنى يكون لي [ولد*].
الثاني: أن يكون بين طلبه له وبين التبشير به زمن [متطاول*] بحيث تزايد ضعفه، وتمكنت شيخوخته فكان يرجو أن يبشر به في زمن [إياسه*] من الولد.
الثالث: أنه سأل عن الكيفية التي تزايد له فيها الولد هل مرجوع امرأته شابة، أو تلد على ذلك الحال، كما قال إبراهيم: (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى).
وفي عبارة ابن عطية، قلت: لأنه طلب الولد ثم استفهم كيف الوصول إليه، [وكيف نفذ القدر به*].
ابن عرفة: وعادتهم يوردون سؤالا، وهو أنه إذا تقدم اسم نكرة ثم أعيد فإنما يعاد معرفا بالألف واللام، قال الله تعالى (كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (١٥) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ)، قال هنا (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى)، فقال: (أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ) الولد، أو يقول: أنى يكون لي الغلام [فأجيب بوجهين*]:
أحدهما: أن الغلام هنا مدح باسمه فأشبه المعرفة؛ فلذلك لم يعده.
الثاني: ذلك إنما هو حيث يعاد بلفظه، وهنا إنما أعيد بلفظ الولد ولا شك أن أحدهما أعم من الآخر، فالغلام أعم؛ فإنه يمكن أن يكون ولد ولده، أو ولد أحد من قرابته؛ فأخذ هو بحق السؤال باستبعاد كونه ولده.
قوله تعالى: ﴿قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ... (٩)﴾
أي: كما علمت أن جميع الأشياء هين على الله فاعلم أن هذا هين عليه، واستدل بخلقه إياه من عدم، وهذا هو المذهب الكلامي وهو الإتيان بالحكم مقرونا بدليله.
قوله تعالى: (وَلَمْ تَكُ شَيْئًا).
ظاهره أن هذا حجة لأهل السنة في قولهم؛ لأن الندم ليس بشيء.
والزمخشري يقول: ولم تك شيئا موجودا أو شيئا مذكورا.
قوله تعالى: ﴿رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً... (١٠)﴾