أي علامة.
قوله تعالى: ﴿يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ... (١٢)﴾
ابن عرفة: عرف القرآن في هذا النداء بالياء، إيماء بالموجود؛ فلذلك قال ابن عطية: [المعنى فولده له*]، وقال الله للمولود (يَا يَحْيَى).
ابن عرفة: إنما عد بولد؛ لأن المتكلمين اختلفوا في الاستدلال على الحدوث هل يستدل بالإمكان أو بالموجود؟ فإن نظرنا إلى ما قبل الآية، وهو قوله تعالى: (إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى) وهذا دليل على إمكان وجوده، وإن نظرنا إلى قوله تعالى: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ) كان دليل على أنه واحد؛ لأنه خطاب له؛ فلذلك أضمر وجوده قبله.
وقوله تعالى: (خُذِ).
إن كان تكليفا فهو للوجوب، وإن كان امتنانا فهو للندب.
قوله تعالى: (بِقُوَّةٍ).
قال أبو حيان: إما مفعول أو حال.
ابن عرفة: يريد إما متعلق بقوله (خُذِ) وهو موضع الحال والكتاب التوراة، وإنما قال: (بِقُوَّةٍ) ولم يقل ذلك في موسى ولا في [غيره*] من الأنبياء؛ لأنهم أوتوا الحكم [كبارًا*] بالضرورة أن يأخذوا الكتاب بقوة، ويحيى أوتي الحكم صبيا، فقال (بِقُوَّةٍ) أحرى بنا؛ فالحكم المراد به الأمر الفضلي، يعني لأن الصبيان يوصفون بالحكم الضروري فلا مزية له عليهم فيه.
حسبما قال الفخر في المحصول: الحكم القصد، يعني هو يمكن أن يكون وأن لا يكون؛ فلذلك يوصف به الصبيان، ويوصفون بالضروري، فلو [علمه*] الصبي لعلمه بتفضيل [**لم يضر] لأنكر ذلك بالبديهة.
قوله تعالى: ﴿وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا... (١٣)﴾
ابن عطية، والزمخشري: يحتمل أن يراد وخلقنا في قلبه الحنان، ويحتمل أن يراد وآتيناه حنانا منا عليه.
وذكر ابن الصلاح في علوم الحديث في باب رِوَايَةِ الْآبَاءِ [عَنِ الْأَبْنَاءِ*] حديثا يقتضي اتصاف الله تعالى بالحنان، وذكر فيه سندا متصلا إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أن الحنَّان هو الذي يُقبل على من أعرض عنه، [والمَنَّانَ هو الذي يبدأ بالنوال