قبل السؤال*]، فقال ابن العربي هنا في الأحكام: إن إتيان النبوة للصغير ممكنة جائزة عقلا؛ لكنها لم تقع، ولم يذكر ذلك المتكلمون؛ لأن ظاهر كلامهم بياني في بداية الإقدام، أيضا أنها جائزة عقلا؛ لأنه قال: لَا خلاف بين أهل السنة أن الله تعالى يخص من يشاء من عباده بالنبوة والولاية؛ فعموم هذا يتناول الصغير والكبير.
قال ابن عرفة: [وأما المعتزلة*] فلا يجوز عندهم نبوة الصغير بناء على قاعدة التحسين والتقبيح، والفلاسفة يصح ذلك على مذهبهم؛ لأنهم يقولون: إنها راجعة إلى طبع مجازي [يحظون به*]، وظاهر كلام الفخر هنا أنها واقعة أن يحيى وعيسى بعثا صغيرين.
قوله تعالى: ﴿وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (١٤)﴾
وقال تعالى في عيسى: (وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا)، وكان بعضهم يقول: لأن يحيى [أكثر تكليفا، قال: وعيسى كذلك [وكان رسولا*].
قوله تعالى: ﴿وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ... (١٥)﴾
وقال عيسى: (وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ) قيل لابن عرفة: هذا حكم إنشائي وصيغ الاستثناء حالته، فكيف يعمل في المستقبل؟ فقال: ليس المراد حقيقة المستقبل، وإنما هو كقولهم: ضربته الظهر والبطن.
قوله تعالى: (وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَومَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ).
وقال عيسى: (وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ) فأجاب الزمخشري والغزالي بأن يحيى غلب مقام الخوف فسلم عليه أمنا له [وتطمينا*]، وعيسى غلب عليه مقام الرجاء.
قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ... (١٦)﴾
قال ابن عرفة: عينها باسمها في سورة التحريم، فقال تعالى (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا) تشريفا بذكرها مع امرأة فرعون، وامرأة نوح ولوط، ويوجد جواز اجتماع الخبر والأمر في الكلام الواحد؛ لأن الإخبار الآخر عن هذه القصة مع أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مأمور بتبليغها للناس فيؤخذ منه أن من آمن فلا يبيع سلعة بكذا دينار، فقال: إن فلانا، قال: بائع سلعتي هذه بكذا وأنا قد بعتها به، فقال المشتري: وقد اشتريتها بذلك، فقال: ربما لَا أرضى بذلك أنه يلزمه البيع.
قوله تعالى: (إِذِ انْتَبَذَتْ).


الصفحة التالية
Icon