ابن عرفة: فيكون أمرا بالسماع حقيقة.
وقيل لابن عرفة: فالإسماع في الدنيا فكيف يعمل في (يوم يأتوننا)؟ فقال: الفاعل لازمه لَا هو أي أسمع غيرهم بخبرهم يوم يأتوننا.
ابن عرفة: وظاهر الآية دليل في المسألة التي كفر القرآن فيها الفلاسفة حيث أنكروا إعادة الأجسام بعينها، بقوله (يَوْمَ يَأْتُونَنَا) فظاهر إتيانهم بأسماعهم وأبصارهم على ما كانت عليهم.
قوله تعالى: (فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ).
يحتمل معنيين: إما أنه مبين في نفسه، وأنه مبين جهلهم وغباوتهم وهلاكهم.
قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا... (٤٠)﴾
الوارث قسمان: فوارث المال بمعنى تملكه حسيا، ووارث الأب بمعنى [**تملكه حظه] أو عمله وهي معنوية؛ فهل هو من استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه؟ قال: ليس هو لذلك؛ لأن الأب لَا يملك، والأرض هنا ومن فيها ملك لله عز وجل.
قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ... (٤١)﴾
قال ابن عرفة: قال المفسرون: إن كان الله تعالى ذكره في الكتاب فيكون أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله الطيبين وسلم فضائله وأوصافه وسماعه من النبوة والرسالة والصدق، وإن كان أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيكون ذكر حقيقة.
ابن عرفة: ويحتمل على الأول أن يكون بمعنى اذكر للناس ذكر إبراهيم في الكتاب؛ أي اتل عليهم أنه ذكره في الكتاب.
ابن عرفة: وانظر هل ذكره في الكتاب تشريفا له أو تعظيما؛ فكان بعضهم يأخذ من هذه الآية مع قوله تعالى: (فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ) بأنه ليس بين مرتبة النبوة ومرتبة [الصديقين*] مرتبة زائدة، وبيَّن [الصديقين*] بأنهم العلماء في قوله تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)، أو في قوله تعالى: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ) مع أنهم ذكروا في الحال أنها على أربعة أقسام:
فأولها: إيمان المقام.