قد يقال: ظاهر الآية أن هارون عليه السلام كان نبيا فقط، فيجاب بأنه رسول نبي بدليل قوله تعالى:
(اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (٤٣) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ | )، غير أن رسالته على جهة التبعية لموسى؛ بقوله (وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (٢٩) هَارُونَ). |
ابن عرفة: إنما الرسول المأمور بالتبليغ فيما أوحي له به، والنبي هو الذي يوحى إليه ولم يؤمر بالتبليغ.
ابن عرفة: وفي هذه الآية عندي رد على شيخنا القاضي ابن عبد السلام حيث كان في ميعاده، يقول في تفسير طه في قوله تعالى: (قَدْ أُوتيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى) بعد قوله تعالى: (وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي هارون أخي) إلي [(في أمري) *]، قال: هذه الآية حجة للمعتزلة في قولهم: إن النبوة مكتسبة، وكان ابن مرزوق يشنع عليه، وعزم على تكفيره؛ لكنه ذكره بأثره كلاما يدل على سلامة عقيدته مع أن تلك الآية لَا حجة لهم فيها؛ لأن القائلين بأنها مكتسبة بالدعاء [والتضرع*] إلى الله تعالى؛ لكن قبل خاتم النبوة، وأما الآن فلا؛ لأن موسى دعا بذلك؛ فاستجاب دعائه، كما يدعوا الإنسان بأن يكون وليا أو عالما.
قال ابن عرفة: قال: فقوله في هذه الآية (وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا) دليل على أن نبوة هارون عليه السلام محض تفضل من الله تعالى، ورحمته ليس باكتساب بوجه.
قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (٥٤)﴾
ابن عرفة: هذا كله تشريف لإبراهيم صلى الله على نبينا محمد وعليه وعلى آله وسلم بما يخصه في ذاته وما يخص ذريته؛ لأن إسماعيل عليه الصلاة والسلام من ذريته.
ابن عطية: الجمهور على أن الذبيح إسماعيل.
وقال ابن رشد في المقدمات: الأكثرون على أنه إسحاق.
وقال اللخمي: الأصح أنه إسماعيل.