قيل لابن عرفة: فهو إذا منقطع؛ لأن سيبويه أنشد هذا البيت في باب الاستثناء المنقطع، فقال ابن عرفة: الفرق بينهما أنه على هذا الوجه يكون المراد به المدح؛ فهو من تأكيد المدح بما [يشبه*] الذم، والبكرة والعشي حملها ابن عطية على [تقادير الزمان*]، قال: وروى أن أهل الجنة - تسد لهم الأبواب بقدر الليل في الدنيا فيعرفون البكر عند افتتاحها والعشي عند] [انسدادها*]، والليل إنما هو به والشمس، وقال تعالى (لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا).
فقال ابن عرفة: يحتمل أن يراد لَا يرون شمسا محرقة؛ لأن الشمس يحجبها عنهم كثرة أنوارها فلا يرونها، والزمهرير شدة البرد، وهذا أمر جائز ممكن لَا مانع يمنع منه، أو يحتمل أن يكون مثل قولهم: ضربته الظهر والبطن أي رزقهم هاهنا مستمر.
قوله تعالى: ﴿تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (٦٣)﴾
قال ابن عرفة: كان بعضهم يقول: إنما قال (نُورِثُ) ولم يقل: نعطي أو نجازي؛ إشارة إلى أنها ليست عوضا عن الأعمال بوجه، ولم يأخذها أحد بالاستحقاق، وإنَّمَا [كالوارث*] الذي أخذ كوارث بغير معاوضة [ولا استحقاق*]، قال: وفي هذا تشريف لهم من وجهين:
أحدهما: لفظ العباد من حيث إضافته إلى الله تعالى.
والثاني: (تَقِيًّا)؛ لأنه أخص من المتقي.
قوله تعالى: ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا... (٦٤)﴾
قال الفخر: [خِطَابُ جَمَاعَةٍ لِوَاحِدٍ، وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ إِلَّا بِالْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يَنْزِلُونَ عَلَى الرَّسُولِ*]. ويحتمل أن يكون هذا من كلام بعض أهل الجنة لبعض؛ أي ما نزلنا هذه المنازل إلا بأمر ربك.
قوله تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا).
عموم [العلم*]؛ ومع أنه مردود بقوله تعالى: (وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ)، ورد في بعض الأحاديث ما يدل على أنه في هذه الآية يعني الذهول؛ لأنه استدل بها.
قوله تعالى: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ.. (٦٥)﴾
أي اصطبر على المشاق لعبادته؛ وهذا أمر لجميع النَّاس.