ورده ابن عرفة بأن الكلام في التفضيل إنما هو من الفريقين، قال: وإنما عادتهم يجيبون بوجهين:
الأول: لو قال أينا لكان فيه لين وتأسيس لهم وتلطف في خطابهم لأجل الإقبال عليهم بالخطاب وخلطة مع التعلم في الضمير.
الثاني: أن المضمرات على الصحيح جزئية، والشخص يرى لَا يدخل تحت الجزئي، ولف الفريق كلي والكل يشتمل على الجزئي وغير فيدخل تحت الحاضر والغاية.
قوله تعالى: (خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا).
ولم يقل: أحسن مقاما وخير نديا.
قال ابن عرفة: أجاب البيانيون بأن أحسن أخص ولا يوصف بالحسن إلا الحسن.
قوله تعالى: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ... (٧٤)﴾
نقل ابن عصفور في شرح مقربه عن الأعمش: أنه يجوز عنده ملكت كم فلان، ونقل أيضا ابن مالك في شرح كافيته، ونقل عن بعضهم: أنه يجوز زيد كيف.
وكان بعضهم يقول: إن كتاب سيبويه قياس الأمثلة بكونه يحمل كم الخبرية على كم الاستفهامية تشبيها في اللفظ.
فإن قلت: قوله تعالى: (أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيرٌ مَقَامًا) يدل على أن مقام الكافر ليس فيه خير.
قوله تعالى: (هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا).
يقتضي مشاركتهم في الخير، وأنهم متصفون بمطلق الحسن، قال: والجواب: أن الأول أخروي؛ لأن الكفار ادعوا أنهم خير من المؤمنين بحسن ثباتهم وكثرة أموالهم؛ فأنكر ذلك عليهم بأن المؤمنين خير منهم في الآخرة.
قوله تعالى: (هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثا وَرِئْيًا).
يعني أنهم كانت دنياهم أحسن من دنيا هؤلاء.
قال ابن عطية: [واختلف الناس في قدر المدة التي إذا اجتمعت لأمة سميت تلك الأمة قرنا، فقيل مائة سنة، وقيل ثمانون، وقيل سبعون، وقد تقدم القول في هذا غير مرة*] وقيل: غير ذلك إلى الثلاثين، قوله في سورة هود وقد تقدم أيضا في الأنعام.


الصفحة التالية
Icon