قال أبو حيان: لَا يصح أن تكون سيرتها مفعولا به؛ لأنه ظرف مكان مختص فرده إليه؛ لأن بعضهم حكى أن الطريق ليس تطرف مختص بل هي عام، وأجاب ابن عرفة بقوله تعالى: (سِيرَتَهَا الأُولَى) فلما أضاف وهي طريق مختصة به لأنها حالته الأولى كانت مختصة، قال: وهذا التكلف مع هذه الآية ليؤمن مع أنه قد حصل الإيمان حقيقة؛ لأن الله تعالى خلق في قلبه التصديق المعنوي، وما يجب له وما يستحيل في حقه؛ فالجواب بأن هذا تأسيس ليتدرب عليه فلا يستغرب ما وعده به ربه من كونها تسير حية في موطنه مع فرعون والسحرة، وإما بأن العلم الضروري قسمان: فمنه عام، ومنه خاص، وقد يكون العلم الضروري عند بعض النَّاس صورياً وهو في نفسه نظر فهذا يصح التكليف به وليس بتحصيل الحاصل. بخلاف الضروري الذي يعلمه كل أحد بالضرورة لَا يصح التكليف به.
قوله تعالى: (فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ).
يحتمل أن يكون حياتها تخفيفا لصحة الإعادة بعد الموت، فلا يكون في الآية إشكال، ويحتمل أن يريد بالحية الثعبان فيقع الإشكال. كقوله تعالى: في الآية الأخرى: (فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ).
قوله تعالى: ﴿اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (٢٤)﴾
قال ابن عرفة: عبر هنا بالذهاب، وفي غير هذا [قال، (أَرسَلنَاه) *]؟ فالجواب: أنه [إن*] اعتبر حال الرسول، قيل (أَرْسَلنَاهُ)، وإن اعتبر حال المرسل إليهم قيل اذهب [**ولقيناك]، أو نحوه؛ لأن لفظ الإرسال يقتضي التشريف.
قوله تعالى: ﴿قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (٣٦)﴾
قال ابن عرفة: هذا يحتمل أن يكون إنما أوحى عن إتيان الله تعالى به وذلك في الأولى، وحذف الفاعل هنا للعلم، وذكر في قوله تعالى: (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ... (٣٧) والمن: تارة يعبر به عن نفس النعمة، وتارة يراد به التذكير بنعمة تقدمت، كما في قوله تعالى: (لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى) فالمراد هنا بالمن نفس النعمة والتذكير بها تنبيه على أنها تفضل من الله تعالى، وأنه لَا يجب عليه شاء.
قوله تعالى: ﴿أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ... (٣٩)﴾
تقدم في آية [**القذف، آية (أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ)] لَا يليق ذكره هنا.