فكذب موسى وأبى النظر في آياته وأدلاتها؛ فيكون تأسيسا.
وإن قلت: أبى من الإيمان به كان تأكيدا.
قوله تعالى: ﴿فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ... (٥٨)﴾
يؤخذ منه أن دليل المستدل من شرط تمامه السلامة من معارضته بمثله؛ لأن موسى قبل ذلك من فرعون، ويؤخذ من الآية أن القاضي ما ينفذ الحكم إلا بعد الإعذار من الخصم.
قوله تعالى: ﴿فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى (٦٠)﴾
قال ابن عرفة: قال بعضهم: كيف عطف فجمع بالفاء؟ وقال: (ثُمَّ أَتَى) فعطف بـ ثم مع أن المناسب العكس؛ لأن الجمع لَا يحصل إلا بعد تردد ومهلة كبيرة؛ بخلاف الإتيان العاقب للجمع إنما يصدر من الشجاع، وأما الخائف الجبان فهو يقبع ويتأخر.
قوله تعالى: ﴿لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا... (٦١)﴾
المناسب أن يقول: لَا تفعلوا فعلا باطلا، وأما الكذب فلا يناسب هذا المحل المعاندة والمعارضة بالفعل لَا في محل المقولة مع موسى، قال: والجواب: أنهم إذا عارضوه بالسحر فقد كذبوه بما جاء به.
قوله تعالى: ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ... (٦٥)﴾
قال ابن عرفة: الآية حذف التقليل، إما أن تلقي فتكون أول من ألقى، وإما أن نلقي فيكون آخر من ألقى؛ لأنهم نادوا بين الإلقاء وبين أولية إلقاء ولا معادلة بينهما.
قوله تعالى: ﴿قَالَ بَلْ أَلْقُوا... (٦٦)﴾
إضراب إبطال عن التخيير في نفس المبتدي بإذن لهم في البداية وإذنه هو لهم في البداية، إما؛ لأنه علم أن اختيارهم في البداية، وإما لكونهم إذا بدءوا تفرغوا لنار جهنم ويأتونا بجميع ما عندهم من العلم، فإذا عارضهم أبطل حجتهم كلها ولا يبقى لهم حجة.
قال الزمخشري: في الأعراف سوغ لهم موسى البداية إذ درأ بشأنهم، وقلت: مبالاته لهم وقعت بما كان مصدره ومن التأهب السماوي.
قوله تعالى: (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى).


الصفحة التالية
Icon