ابن عرفة: لوجود الإله لئلا يلزم عليه الدور وما لَا يتوقف عليه يصح إثباته بالسمع كقوله (وَاحِدٌ) ذكره في الباب السابع في الإجماع.
ابن عرفة: وعندي أن الآية تدل على إثبات الوحدانية بالسمع والعقل كقولك (فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) فكأنه يقول والمكذبون بالآخرة (قُلُوبُهُم مُنْكِرَةٌ)، ولو كانت لَا تتوقف على السمع لقال فالصم العمي أو فالمتصامون قلوبهم منكرة فذكره عقب الإيمان يشعر بعليته له فهو داخل على أنهم سمعوا فلم يؤمنوا بالآخرة ولو لم يتنكر فعلها على الإيمان لما ذكره بعده.
قوله تعالى: ﴿لَا جَرَمَ... (٢٣)﴾
قيل: في كلها بمعنى حقا، وقيل: (لَا) نافية، وقيل: نافية و [جرم*] وحده بمعنى حق فعلى هذا يكون فعلا ماضيا [وينبني*] عليه فتح إن من قوله تعالى: (أَن اللَّهَ يَعْلَمُ)، وكسرها لأن المفتوحة تكون فاعلة به.
قوله تعالى: (يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ).
قال ابن عرفة: هو عندي كاللف والنشر، فيسرون راجع لقوله: (قُلُوبُهُم مُنْكِرَةٌ) ويعلنون لقوله (مُسْتَكْبِرُونَ) لأن الاستكثار في الأقوال والأفعال وهو هيئة ظاهرة.
قوله تعالى: (إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ).
ابن عطية: هو عام في الكافرين والمؤمنين واستدل بأحاديث الزمخشري بجواز أن يراد بالمستكبرين عن التوحيد يعني المشركين ويجوز أن يعلم تغير كل مستكبر.
ابن عرفة: الصواب أنه خاص بالكفار لأن النحويين قالوا: إذا تقدم الاسم منكرا ثم أعيد معرفا بالألف واللام فهي للعهد؛ كقوله تعالى: (رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (١٥) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ)، وقال هنا: (وَهُم مُسْتَكْبِرُونَ) ثم قال: إنه [لَا يحب*] المستكبرين فهم أولئك بلا شك.
ابن عرفة: وفي الآية سؤال وهو أن الصحيح أن المحبة والكراهة ليستا على طرفي النقيض وإن تقسم قسما ثالثا وهو أنه لَا يحب الإنسان شيئا ولا يكرهه وإذا كان كذلك لا يستلزم إثبات الكراهة، وكراهة الله تعالى لهؤلاء ثابتة موجودة فهلا قيل: إن الله يكره المستكبرين قال: وعادتهم يجيبون عن هذا بوجهين، الأول: أن المحبة والكراهة في حق الله تعالى على طرفي النقيض ولا يصح ارتفاعها ووجود القسم الثالث إلا في حق


الصفحة التالية
Icon