ابن عرفة: (أَسَرُّوا) أي أخفوا النجوى إشارة إلى اختصاصهم بالحديث لبعض دون بعض، فليس فيه تكرار، ولا يرد السؤال الذي أورده الزمخشري بأن الإنسان قد ينفرد بالحديث مع بعض النَّاس، ويجهر فيه ولم ينفرد به ويسره له.
وقال ابن عطية: (أَسَرُّوا) من أسماء الأضداد، فمعناه هنا اظهروا الحديث الذي كانوا أخفوه بينهم.
قوله تعالى: (هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ).
مذهب أهل السنة أن الأنبياء عليهم السلام مساوون في [**الخلقة الجسمية]، ومذهب بعض الحكماء أنهم اختصوا بطبيعة مزاجية.
قوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ... (٤)﴾
ولم يقل: يعلم السر؛ لأن القول أعم يطلق على السر والجهر، ويطلق على اللفظي والنفسي، والسر لَا يطلق إلا على اللفظ.
قوله تعالى: (وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
دليل على عدم مغايرة صفة السمع تخص العلم بالمسموعات، والبصر يخص العلم بالبصريات والعلم عام في الجميع.
قوله تعالى: ﴿بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ... (٥)﴾
قال ابن عرفة: إن كان هذا الإضراب إضراب انتقال فلا كلام، وأما الإبطال فعادتهم يقولون: إن كان المضرب عنه نفس القول فهو إبطال، وإن وقع بما هو باطل، وإن قلنا: الإبطال لَا يصح إلا بالحق فهو إضراب انتقال، وإن قلنا: الإبطال يصح أن يقع بالحق وبالباطل فهو إضراب باطل.
قوله تعالى: (بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ).
هذا ترق قولهم: (أَضْغَاثُ أَحْلامٍ) أشد من قولهم فيه: إنه ساحر، وقولهم: إنه مفتر أشد من قولهم (أَضْغَاثُ أَحْلامٍ)، وقولهم (شَاعِرٌ) أشد؛ لأن الشاعر غالب أمره يقول ما لَا يفعل.
قوله تعالى: ﴿مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا... (٦)﴾
معناه: أن العادة جارية في الأمة المحفوظة، أنا إذا أتيناها على يد الرسول ولم يؤمن به قومه، فإنا نعاجلهم بالعقوبة، وهؤلاء بحالهم كذلك [**لَا قالوا: سمعناهم لمرادهم]، [ما آمنوا*] فيكون ذلك سببا لإهلاكهم عاجلا.