وقال بعضهم: القول بأن كل مجتهد مصيب يؤدي ثبوته إلى نفيه؛ لأنه يقول: من قال المصيب واحد؛ لأن هذا القائل من [جملة مجتهدين*] فهو مصيب، وأجيب: بأن ذلك في الأصول والعقليات والعقول بأن كل واحد مجتهد مصيب إنما هو في الفروع والأحكام الشرعية.
قال ابن عطية: ذهبت فرقة إلى أن المصيب في العقليات واحد والحق في طرف واحد فمن صادفه وأصابه [فله أجران*] ومن لم يصادفه فهو مصيب في اجتهاده مخطئ في عدم الإصابة، وله أجر واحد وهو [غير معذور*].
قلت: واستشكله ابن عرفة؛ لأن قوله [غير معذور*] يقتضي أن عليه الخروج، فكيف يقول الإثم عليه؟ وأجيب: بأن مراده بعدم عذره أن يسميه مخطئا؛ لأنه يثبت عليه الخروج.
قال ابن عطية: ويؤخذ من قوله ﷺ وعلى آله وسلم: "كل مجتهد مصيب" العالم [يجتهد*] فيخالف نصا؛ كقول سعيد بن المسيب في المطلقة ثلاثا: أنها تحل لزوجها بمجرد عقد الثاني عليها النكاح وطلاقه إياها.
ابن عرفة: حقه أن يفرق بين أن يقصر النظر أو لَا؛ كما تقدم لابن الحاجب.
فإن قلت: ابن المسيب لم يقصر النظر، فكيف حكم بالحيلة؟ قوله ﷺ وعلى آله وسلم: "لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ": فالجواب: أن ابن المسيب قصر في طلب الحديث: فلو بحث عنه [لعثر عليه*]؛ لأنه قصر في النظر فيه، لأنه نص [جلي*]، قال ابن عطية: وداود وسليمان عليهما السلام توصلا إلى ذلك إما بوحي، أو اجتهاد منهما.
ابن عرفة: أو أحدهما بوحي والآخر باجتهاد، ومن هو الموحى إليه منهما فجاءت القسمة رباعية، ويدل على أنه باجتهاد.
قوله تعالى: (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ).
[قال الفخر: الإدراك والعلم والشعور*]، والفهم بمعنى واحد.
وكان بعضهم يرد عليه ويقول: الفهم يقتضي النظر والبحث، فدل قوله تعالى: (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ)، على أنه تروى في القضية ونظر واجتهد.
قوله تعالى: (وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ)


الصفحة التالية
Icon