الأَلْبَاب)، وقال هنا (وَذِكرَى لِلْعَابِدِينَ)، فأجاب بأنه أسند الفعلَ هناك للشيطان، قال: (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) أشعر أن وقوعه به كان سببا، أن يقرن رفعه بسبب وهنا لم يذكر لنزوله به سببا فلم يقرن رفعه بسبب، وإن كانت القضية واحدة لكن هذا في الحكاية عنها، وقال هنا (ذِكرَى لِلْعَابِدِينَ)، لأنهم أعلى درجة من أولي الألباب، ؛ لأن أولي الألباب إن تذكروا صاروا من العابدين، وإن لم يتذكروا لم يكونوا من العابدين.
قوله تعالى: ﴿وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ... (٨٥)﴾
قال ابن عطية: إسماعيل أبو العرب المعروفين اليوم.
قال ابن عرفة: يريد أن أبوته للعرب لم تنقطع، لأنه أب لهؤلاء بأعيانهم.
قال: وترتب المعطوفات ليس بصواب باعتبار التقدم الزماني، وإنَّمَا هو باعتبار علو المنزلة والقدر أو باعتبار الشهوة وعدمها.
قوله تعالى: (وَذَا الكِفْلِ).
قال الزمخشري: قيل: خمسة من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام [ذوو اسمين إسرائيل ويعقوب، وإلياس وذو الكفل، وعيسى والمسيح، ويونس وذو النون، ومحمد وأحمد*].
ابن عرفة: لَا يريد أنهما اسمان علمان؛ لأن النحويين حكوا عن الفارسي: أنه منع تسمية الشخص الواحد باسمين علمين، وأجازه غيره، قال: والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم اسمه الحقيقي محمد، وأما أحمد فمشتق من الحمد، ؛ لأنه الفعل، فإن قلت: منعه من الصرف ووزن الفعل والعلمية، قلت: له اسمان باعتبار ملتين، واسمه أحمد في التوراة، ومحمد في ملتنا.
قوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (٨٦)﴾
مع أن النبوة أعلى درجة من الصلاح، ولكن صلاح كل شيء بحسبه، فصلاح الأنبياء أكمل من صلاح غيرهم.
قوله تعالى: (وَذَا النونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا).
قال ابن عرفة: وكان بعض القراء يقول في قول الشاطبي في سورة الفرقان: [وَيَأْكُلُ مِنْهَا النُّونُ شَاعَ وَجَزْمُنَا... وَيَجْعَلْ بِرَفْعٍ دَلَّ صَافِيهِ كُمَّلَا*] إشارة إلى ما ورد في الحديث: "يكون أول طعامهم زيادة كبد الحوت" وهو حديث شائع ذائع، وليس هو