الفتح يصدق بأن يفتح فيه باب واحد، والدك يقتضي فتح جميعه، وانظر حديث حذيفة، حيث قال أحمد في [الفتنة: "وَإِنَّ دُونَ ذَلِكَ بَابًا مُغْلَقًا، قَالَ عُمَرُ: فَيُفْتَحُ أَوْ يُكْسَرُ؟ قَالَ: يُكْسَرُ، قَالَ: ذَاكَ أَجْدَرُ أَنْ لاَ يُغْلَقَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ"*]: ذلك أحرى أن لَا يغلق أبدا، فالجواب: أنه اعتبر في ذلك حال السد نفسه لخروجها في سياق القوة، والشدة؛ لقوله تعالى: (فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ)، الآية وفي الآية اعتبر حال المسدود عليه.
فإن قلت: فما هو الواقع، قلت: يفتح أولا ثم يجعل ذلك دكا، والدك إما بهدمه كله أو بنزوله في الأرض وغيبته فيها حتى لَا يظهر منه شيء على وجهها، فلا يحتاج إلى ما أجاب به الفخر قال: [كيف صح هدمه وهو من حديد وأفراغ*]، وأجاب بأن الله يلينه لهم فلا يقدرون على هدمه.
قوله تعالى: (وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ).
الضمير عائد على بني آدم في خروجهم من القبور لتوافق قراءة [جدث*]، وهو القبر لقراءة الحرف [حدب*]، ولا يتناقض الحديث الوارد، بأن يأجوج ومأجوج لَا يطلعون إلى أعالي الجبال حيث يكون عيسى ومن معه.
قال ابن عطية: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله تعالى يوم القيامة لآدم: ["يَا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، فَيَقُولُ: أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ، قَالَ: وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟، قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَعِنْدَهُ يَشِيبُ الصَّغِيرُ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى، وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ "قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَيُّنَا ذَلِكَ الوَاحِدُ؟ قَالَ: "أَبْشِرُوا، فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلًا وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا"*].
قال ابن عرفة: الحديث صحيح خرجه البخاري ومسلم، إلا أنه مشكل من كل ألف وتسعمائة وتسعة وتسعون، فيكون الرجل الواحد عُشر عشر العشر فهو مخالف لقوله: إن منكم رجلا ومن يأجوج ومأجوج ألف رجل.
قال ابن عرفة: وهذا الحديث مقتضي أن يأجوج ومأجوج بلغتهم الدعوة، إما دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، أو دعوة من قبله من الأنبياء لقوله (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا).
قوله تعالى: ﴿يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا... (٩٧)﴾
فإن قلت: فهلا قيل: [(يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ) *]، أو يقولون قد كنا في غفلة بل كنا في ظلم؟ فالجواب: أن الغفلة سبب في الظلم وإضافة


الصفحة التالية
Icon