قال ابن عرفة: [... ] بعد وما ذكره الفارسي في أول إيضاحه من قوله إما على أثر ذلك.
فإن قلت: من الشرطية لَا تقتضي الحصول، فهل عبر عن الموصولة؟ بمعنى الذي لأنها تقتضي حصول التعظيم، فالجواب: أن الشرط يدخل على المقدر والمحصول، والمقدرات الوجود أكثر من الموجودات فهو إشارة إلى أنه مهما قدر الإنسان وجود شيء من حرمات الله تعالى وعظمها، ففي الممكن أن يقع في الوجود ما هو أعظم منها فينبغي له أن يطلب أعظم الأشياء، وأرقاها وأفضلها ويحرص على الاتصاف بأكمل الأوصاف في ذلك.
قوله تعالى: (خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ).
خير فعل لَا أفعل من إلا أن يقال: إن المباح خير فيكون أفعل من فقوله (وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ)، يؤخذ منه أن الأشياء على الحصر، ويؤخذ منه أن مهما شككنا في شاة، هل هي محللة أو محرمة فإنا [نبني*] على أنها محللة [خلافًا*] لمذهب الإمام مالك رحمه الله، وقد قالوا في كتاب الربا في قوله - ﷺ -: الذهب بالذهب ربا إلا [هاء وهاء*] أنه إذا وقعت صورة شككنا في تحليلها أو تحريمها، فإنا نحكم بتحريمها، لأنه يستثني القليل من الكثير، فلا بد أن تكون صورة المستثنى المحللة أقل من المحرمة، فيكون المشكوك فيه داخلا في قوله تعالى: (أُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ)؛ لأنه غير داخل في المتلو علينا، وهو ما تضمنه قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيكُمُ الْمَيتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ).
وأجاب ابن عرفة: بأن المراد بالمتلو المحرم باعتبار أفراده، وأنواعه بالذاتيات، لا المحرم باعتبار أوصافه لَا باعتبار ذاته، قلنا: أو يدخل في عموم قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ)؛ لأنه يدعي أنه ميتة.
قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ... (٣١)﴾
قال ابن عرفة؛ والصواب في تقرير كونه من [تشبيه المركب بالمركب أن*]، يقال: شبه الشرك بالله والمشرك [بمن*] خر من السماء [فَاخْتَطَفَتْهُ*] الطَّيْرُ، [فالمشرك*] كالخار من السماء، والمشرك شبه بالطير التي تخطف الخار من السماء، فجعل [مَزْعًا فِي حَوَاصِلِهَا*] ونحوها كالطير المتخطفة للخار من السماء ناقلة عضوا عضوا، فهو تشبيه المجموع بالمجموع، أو هذا بهذا، وهذا بهذا، فهو تشبيه المجموع، كقوله:


الصفحة التالية
Icon