ولم يقل: عن المؤمنين؛ لأنه إذا دفع على من اتصف بمطلق الإيمان، فأحرى أن يدافع عمن ثبت له الإيمان الكامل، وهذا من تقدير العلة على المحكوم على سبيل الحصر، والتأكيد على انتقال الحكم.
قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ).
جعله الزمخشري: راجعا للكفار.
ابن عطية: [روي أن هذه الآية نزلت بسبب المؤمنين*] لقولهم: إن السبب في نزولها كون بعض المؤمنين عزم على خيانة الكفار وقتلهم، فالكفر على هذا إما كفر النعمة، وإمَّا أن يراد لَا يحب كل خوان، ولا كل كافر، فيكون [... ] أو يكون تلطفا في العبارة، فيكون النهي عن الخيانة تسلط على المؤمنين بالإيمان لَا بالنص، لأجل اقترانها بوصف الكفر.
قال ابن عرفة: ونفى المحبة وثبوتها، إما على طرفي النقيض أو بينهما واسطة، وهو عدمها مقاومهم لمن قال: لَا يحب بمعنى لَا حبذا زيد، فيقتضي الذم فيكون لا يحب في معرض الذم لمن اتصف بهذا.
فإن قلت: هل يؤخذ من الآية رد على من يقول إنَّ كلا إنْ كان منصوبا لَا يقتضي العموم، وإن كان مرفوعا اقتضاه حسبما قالوا [ومنه*] قوله:
قَدْ أصبحَتْ أمُّ الخِيارِ تَدَّعي... عليَّ ذَنْباً كلُّه لم أَصْنعِ
قلنا: العموم مستفاد من القرينة.
فإن قلت: هلا قيل: لَا يجب كل خائن كافر فهو أبلغ؟ قلنا: الجواب بما أجابوا به (وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ).
قوله تعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩)﴾
قال ابن عرفة: إما على قراءة فتح التاء فظاهر تقدم الإذن، وإمَّا على قراءة كسرها فيكون الإذن الآن، وفقا لهم مثل قوله تعالى: (هُدًى لِلْمُتَّقِينَ)، أي [الصائرين*] للتقوى، ولذلك يقاتلون، أي الذين يقاتلون في المستقبل.
قوله تعالى: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ... (٤٠)﴾
أي لولا دفاع الله ضرر الكفار وبقتال المسلمين لهم، إذ ولولا دفاع الله الظلم بشهادة العدول، إذ ولولا دفاع الله [ظلم الظلمة بعدل الولاة*]، وفيه دليل على أن