عالما، وآخر أنك تريد رجلا آخر مشاركا له في العلم، بخلاف قولك رأيت رجلا عالما وزيدا، فأفاد الوصف بآخر لمشاركتهم لهم في الظلم، قال: وكان بعض الطلبة يرد بهذه الآية على ابن الخطيب في احتجاجه في (المعالم) على أن الواو لَا تفيد الترتيب بقول القائل: جاء زيد وعمرو بهذه، وجاء زيد وعمرو قبله، أو لو أفاد الترتيب بقول القائل: لكان الأول تكرارا، والثاني: [تناقضا*] فقد أتت هنا لفظة تجد مع أن ثم للترتيب والمهلة، فلم يبق إلا توكيدا، قال: وتقدم الجواب بأن مهلة في ثم على قسمين حسية ومعنوية، فأفاد بعد احتمال إرادة المهلة المعنوية، أو يجاب بقول من دعم أن ثم كالواو فأفادت من بعد رفع إرادة ذلك الاحتمال، أو يجاب بأن من لَا ولا رسم أزمنة البعدية، فأفادت طول المهلة لَا قصرها، قال: ومن أريد بها أول أزمنة البعدية فتكون المهلة طويلة، لأنها عبارة عما بين أول من هلك منهم، وأكثرهم هلاكا، وإن كان أريد بها آخر أزمنة البعدية فالمهلة قصيرة بينها وبين آخر القرون.
قوله تعالى: ﴿مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (٤٣)﴾
إن قلت: هلا قيل وما يستأخرون.
قال ابن عرفة: تقدم لنا الجواب من وجهين:
الأول: مراعاة رءوس الآي، الثاني: لو قيل وما يستأخرون، لأفاد أن مجموع الأمة لَا يستأخرون عن آجالهم، وما يلزم منه أن لَا يتأخر بعضهم، فعدل عنه إلى هذا التقييد، أن كل واحد منهم لَا يتأخر عن أجله فيكون كليا [... ] مع أن التقدم على الأجل مكروه للنفوس، والتأخر عنه محبوب لها من كل أحد؛ لأن كل أحد يكره الموت، فلذلك جمعهم؛ لأن كل أحد يحب أن يتأخر عن أجله، فقيل لابن عرفة: قد قالت المعتزلة: إن المقتول له أجلان.
[... ]
قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٤٥)﴾
قال ابن عرفة: يؤخذ من الآية صحة صدور المعجزة على غير يدي من تجرأ بها، [والآية*] إنما تجرأ بها موسى، وقد صدرت على يدي موسى ويدي هارون، فإما أن يكون هارون شريكا له، فيؤخذ منه جواز صدور المعجزة على يدي شخصين مشتركين فيها، أو نقول أنها صدرت على يدي موسى دلالة على صدقه في جميع ما جاء به موسى، [وأن*] أخاه هارون نبي، فتكون نبوة هارون ثبتت بقول موسى إنه نبي، مع ثبوث صدقه في مقالته، ونبوة موسى ثبتت بالمعجزة ورسالته ثبتت بالمعجزة، قال ابن عطية: والآية هي اليد والعصا، وسائر [آياتهما*]، كالبحر، والمرسلات الست.