قال ابن عرفة: يحتمل أن يكون إضراب إبطال؛ لأن قبلها (وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)، فهو إبطال لمفهوم هذا، لأن مفهومه [... ] إتباع المخاطبين وموافقتهم على ما جاء به وإلزامهم حكمه، إذا نظروا النظر الصحيح السديد، وتأملوا فيه فأبطل هذا الملازم لكونهم عقلوا، ولم ينظروا فخالفوا حكمه وكذبوه، ويحتمل أن يكون إضراب المال من حكم إلى حكم، لقوله تعالى: (أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُم لَهَا عَامِلُونَ)، أي أعمال قبيحة، فإن قلت: ما أفاد قوله تعالى: (لَهَا عَامِلُونَ)، قلنا: أفاد نفي احتمال كونهم مأمورون بها أو تسببوا في فعل غيرهم لها فنسب إليهم، فما أن فاعل السبب فاعل المسبب، فنفى هذا الاحتمال بأنهم عاملون لها حقيقة.
قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ... (٦٤)﴾
قال ابن عطية: حتى حرف ابتداء لَا غير [وإِذا والثانية التي هي جواب تمنعان من أن تكون حَتَّى غاية لـ (عامِلُونَ) *].
قال ابن عرفة: انظر كيف يمنعان ذلك، قيل له: ؛ لأن عملهم سابق على أخذهم بالعذاب، وليس مقارنا له بوجه حتى يقتضي دخول ما بعدها فيما قبلها (لَهَا عَامِلُونَ)، حين وقت أخذ مترفيهم بالعذاب.
قوله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ... (٦٨)﴾
[يفهم*] على عدم تدبير مطلق القول، فيستلزم ذمهم على عدم [تدبر*] قول الرسول، من باب [أحرى*] [**الصدقة وعلى منزلته].
قوله تعالى: ﴿أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ... (٦٩)﴾
أضافه إليهم.
قال الزمخشري: لمعرفتهم به وكونه نشأ فيهم، وربا بينهم، ورده ابن عرفة: بأنه يلزم عليه أن لَا يكون رسولهم إلا من عرفوه، قال: وإنما أضافه لما عليه لهم؛ لأنه من جنس البشر، وليس بطائر، ولا ملك.
قوله تعالى: ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ... (٧٢)﴾
قال ابن عرفة: وجه مناسبتها لما قبلها أنهم ذموا على إنكارهم رسالته، مع قيام الدليل المقتضي لصحتها سمعا، وعقلا، وقع نفي المانع منها، أما الاضطرار، [فبقوله*] تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ)، وأما الاختياري فبقوله تعالى: (أَمْ تَسْأَلُهُمْ)، هو جامع أن الكهان والسحرة كانوا يأخذون منهم


الصفحة التالية
Icon