الرشوة على الإخبار بالمغيبات التي تقرها الجن في أذنهم وقر الدجاجة، فيكذبون عليها مائة كذبة، كما في الحديث.
قوله تعالى: (فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ).
أخذ منه الطلبة جواز أخذ الأجرة على إقراء الحديث، وترويته وتعليم العلم، لأن ظاهر الآية مرجوحية ذلك لَا تحريمه فدل على أنه جائز، وأن كان مرجوحا، وقرأ حمزة والكسائي: (أَمْ تَسْأَلُهُمْ [خَرَاجًا*] فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ)، وقرأ ابن عباس؛ (خَرْجًا [فَخَرْجُ*] رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ)، وقرأ الباقون (خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ)، قال الشاطبي في سورة الكهف: [وَحَرِّكْ بِهاَ وَالمُؤْمِنينَ وَمُدَّهُ... خَرَاجاً شَفَا وَاعْكِسْ فَخَرْجُ لَهُ مُلَا*] فاختصر اختصارا حسنا، وقال في الشعراء: [**وفي خراج مع الريح خلفهم، وكلهم فخراج بالثبوت قرا] (١)، وليس المراد أن الجميع اتفقوا على قراءتها بالألف، وإنَّمَا مراده أن الجميع اتفقوا على أن من قرأها بالألف يكتبها ألفا ثابتة لَا ألفا محذوفة، وهي في الخط ثابتة كسائر الألقاب المحذوفة في الخط.
قوله تعالى: ﴿فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (٧٦)﴾
الاستكانة: الخضوع والتذلل، وأورد الزمخشري سؤالا قال: لأي شيء أتى الأول ماضيا، وبالثانية مضارعا، وهلا كانا ماضيين، أو مضارعين، فيقال: فما استكانوا وما تضرعوا، وفما يستكانون وما يتضرعون، وأجاب: بأنه نفى في الأول الاستكانة باعتبار الحصول، وفي الثانية نفى الخضوع باعتبار القابلية له في المستقبل، فإن قلت: هلا قيل: فما تضرعوا لربهم وما يستكينون، فلم خصصت الاستكانة بالماضي؟ فالجواب: أن الاستكانة أخص من سبب التضرع؛ لأن الخشوع يحصل بمجرد العذاب، والتضرع إنما هو يرد به العذاب الشديد، فالتضرع أخص، فإن قلت: نفي الأخص يستلزم نفي الأعم، قلت: نفي الأخص هنا يستلزم ذلك باعتبار سببه، فإن انتفى سبب الذي [... ] سمعي، فإن قلت: ما معنى الغاية في قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ... (٧٧).. ، فيلزم عليه إذا فتح عليهم العذاب الشديد تضرعوا، قلنا: نعم وكذلك هو لكن لَا يفيدهم التضرع.