لبعدها عن الأول، ويؤخذ من الآية أن العلوم تذكيرية، وهو مذهب الفلاسفة، ومذهب الجمهور أنها إنشائية لَا تذكيرية.
قوله تعالى: (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ).
قال ابن عرفة: الآية حجة المقول بإمكان معرفة حقيقة ذات الله عز وجل، والقول بالعلم بها، وهما مبطلان، ذكر الخلاف فيهما ابن التلمساني شارح المعالم فأما إمكان معرفة ذات الله تعالى، فقال الفلاسفة والحكماء: أنه محال، ومذهب الجمهور جوازه، وأما وقوع ذلك في مذهب الفخر وجماعة: أنه واقع، ومذهب القاضي أبي بكر، والأشعري، وجماعة: الوقف، والوقف ما وقف حياة، أو وقف استرشاد، والسؤال بمن إنما يكون على الحقيقة، والأفلاك من حيث الجملة، اختلف فيها فقيل: سبعة، وقيل: ثمانية، وقيل: تسعة، وقيل: عشرة، ومن حيث التفصيل اتفقوا أنها أربعة وعشرون فلك.
قوله تعالى: (قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ).
قال الشهرستاني، والغزالي: الفلك عبارة عما وجد في الخارج، مما هو مشاهد الموجود، والملكوت: عبارة عما وجدوه، مما لم تشاهده، ولم يوجد.
وقال ابن عرفة: الملك أعم فيطلق على ما قدر وجوده سواء وجد أو لم يوجد، والملكوت: عبارة عما وجد في الخارج، فظاهر الآية أن المستحيل لَا يصدق عليه شىء.
قوله تعالى: (وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ).
أي هو يمنع غيره ولا يمانع فيما يفعل، يقال: أجرت فلانا من فلان أي منعته منه، وهذه الجملة إما في موضع الحال، أو معطوفة، أي ومن يجير، ولأن بعضهم يرجح العطف؛ لأنه يقتضي تعديد هذه الأدلة، وتقدر الدليل أولى من إيراده.
قوله تعالى: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ... (٩١)﴾
يعني اتخاذ الولد أعم من نفي الولد، فيدل باللزوم عن نفي الولد. لأن نفي الأعم يستلزم نفي الأخص، وما ينفي الحال، والمراد به ما وقع ودام، والقرينة هنا تدل على عموم النفي في كل الأزمنة.
قوله تعالى: (وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ).