قوله تعالى: ﴿قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (١١٢)﴾
قال ابن عرفة: كلام الشاطبي هنا مشكل؛ لأنه قال:
[وَفي قَالَ كَمْ قُلْ دُونَ شَكٍّ وَبَعْدَهُ | شَفَا وَبِهَا يَاءٌ لَعَلِّيَ عُلِّلَا*] |
فقوله: [وَبَعْدَهُ*] يوهم بأن الخلاف في (قالوا) كما هو في (قال)، وإنما قرئ [(قالُوا*] لَبِثْنَا يَوْمًا أَو بَعْضَ يَوْمٍ)، فأجيب: بأن لفظ قال يدل على أن الذي بعده مثله، فما هو إلا قال الثاني، فقال: هذا أمر مردود، لقوله في باب الإمالة: [وَكَيْفَ الثُّلاَثِيْ غَيْرَ زَاغَتْ بِمَاضِيٍ... أَمِلْ خَابَ خَافُوا طَابَ ضَاقَتْ فَتُجْمِلَا وَحَاقَ وَزَاغُوا جَاءَ شَاءَ وَزَادَ فُزْ... وَجَاءَ ابْنُ ذَكْوَانٍ وَفِي شَاءَ مَيَّلَا*] مع أن حمزة يميل [جاء*] مفردا أو مثنى أو مجموعا، قيل له: يستدل على هذا، بقوله: "وكيف الثلاثي" معناه كيف ما كان مفردا، أو مثنى، أو مجموعا، وغلط ابن عطية النسبة لابن عامر أنه قرأ كنافع وليس كذلك، وإنما قرأ كابن كثير ونسب البزي أنه قرأ وهي قراءة ابن كثير من طريق البزي، وقيل: وكذلك غلط أيضا، فقال: ادعم أبو عمرو والكسائي (لَبِثْتُمْ).
قوله تعالى:
﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (١١٥) فَتَعَالَى اللَّهُ... (١١٦)﴾ في ظاهرها حجة للمعتزلة [بوجوب*] الإعادة عقلا، فالجواب: إن معنى (أَفَحَسِبْتُمْ) بعد بعثنا الرسل إليكم أنا خلقناكم عبثا؛ بل جعلنا خلقكم مرتبطا بثوابكم أو عقابكم [بالشرط*] الشرعي العادي؛ [لا أن*] ذلك واجب على الله عقلا، بل هو واجب شرعا، وإعادتكم جائزة عقلا، وهي بالشرع واجبة، قيل لابن عرفة: فلم عطف عليه (وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ)؟ فقال: لأن خلقهم عبثا يستلزم عدم إعادتهم، فلذلك عطف عليه قوله تعالى: (فَتَعَالَى اللَّهُ) هو أبلغ من على الله.
قوله تعالى: (الْمَلِكُ الْحَقُّ)، هو القادر على كل شيء، النافذ أمره في كل شيء. وصلى الله على مولانا وسيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى سائر إخوانه ساداتنا من الأنبياء والمرسلين والملائكة والمقربين، وعلى آلهم وسلم تسليما كثيرا دائما إلى يوم الدين، آمين.
* * *