قوله تعالى: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا).
قال ابن عرفة: العفو عمن قصد الجناية عمدا كان أو خطأ، والصفح بالمتعمد، بدليل قوله تعالى: (عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ)، فإذا شككت في تعدي رجل عليك ثم تركته فهذا عفو، وإذا تحققت ذلك ثم تركته فهذا صفح.
قوله تعالى: ﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ... (٢٦)﴾
والمراد الكلمات الخبيثات للرجال الخبيثين، والفعلات الخبيثات للرجال الخبيثين.
قوله تعالى: (أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ).
قال: عادتهم يوردون: سؤالا، وهو أن تبرئتهم من هذا يقتضي عدم [احتياجهم للمغفرة*]، فيناقض قوله تعالى: (لَهُم مَغفِرَةٌ)، فأجيب بأنه يغفر لهم لثبوت ما يثبت بسبب رميهم مما هم برآء منه، وإما بأن قوله لهم يقتضي الحصر وخصوص هذه المغفرة الخاصة المعنى لهم بها وحدها، ولذلك قدم المجرور.
قوله تعالى: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ... (٣٥)﴾
قال ابن عرفة: ذكر القاضي ابن عبد السلام أنهم اجتمعوا للشهادة في ميدان في حقيقة هذه الآية، فامتنع الفقيه أبو إسحاق بن عبد الرفيع من الشهادة عنه حتى يذكر الآية كلها قال [باقي الآيةِ صفةٌ لـ (مصباح) *].
قال ابن عرفة: وهذا عندي مستحسن لَا واجب.
قوله تعالى: ﴿أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ... (٣٦)﴾
ولم يقل: أمر الله أن ترفع، فالجواب: إن كان المطلق محبوبا للنفس، فيقال فيه: (أَذِنَ) لأنها بنعتها تطلبه وتفعله، والإذن خاص مما ترغب النفس في فعله، والأمر عام فيه وفيما تكرهه النفس وتعظيم هذه البيوت مما تفعله النفوس وتحرص عليه.
قوله تعالى: ﴿لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا... (٣٨)﴾
إن قيل: ظاهره أنهم يثابون على الأحسن لَا على الحسن، فالجواب هنا: إن قلنا: إن المباح حسن فظاهر؛ لأن ما فوقه مندوب، وإن قلنا: إنه ليس بحسن، فيكون تهييجا على الاتصاف بأعلى الطاعة، فوعدهم بالثواب على أعلاها دون أدناها.