قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ... (٣٩)﴾
هذه اتباعهم المقلدين، لأنهم يظنون أن كبارهم على شيء كما يظن الناظر إلى السراب أنه ماء فلا يجده شيئا.
قوله تعالى: ﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ... (٤٠)﴾
هذه في آلهتهم ورؤسائهم المتنوعين، لأنهم في الظلمات لأنهم يعتقدون أن ما هم عليه حق، فإذا هم يمشون في الظلمات لَا دليل لهم بوجه.
قوله تعالى: ﴿أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ... (٥٠)﴾
نقل ابن عرفة هنا كلام المفسرين، ثم قال: والظلم من معنى الآية أن الشيء بما يثبت بعد نفي الجرم بثبوت نقيضه، أو نفي الشك في ثبوت نقيضه، أو نفي لازم نقيضه، فقوله تعالى: (أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ)، راجع لنفي ثبوت الإيمان، وقوله تعالى: (بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)، هذا ظلم الكفر لَا ظلم المعصية المذكور، في قوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَم يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ).
قوله تعالى: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ... (٥٩)﴾
يحتمل أن يكون [نفس الْحُلُم*]، أو بلغوا أن يحتلموا في النوم، والظاهر الأول، لأن البلوغ [يقتضي*] قطع المسافة، وهذا يستدعى الزمان، فإِن قلت: لمَ لم يقيد استئذان المماليك بالعتق، كما قيد استئذان الأطفال بالبلوغ؟ فالجواب: أن الأطفال إن بلغوا فلا يزالون أولادا وقرابة، والمماليك إذا أعتقوا صاروا أجانب.
قوله تعالى: (كَمَا اسْتَأذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِم)، المراد من قبلهم في الزمان؛ لأن الذين قبلهم في الزمان الأطفال، ولم يكونوا يستأذنون، وإنما المراد [القبلية*] في ذكر بيان الحكم، أي استأذن الذين تقدم بيان حكمهم قبل هؤلاء، والكاف للسبب أو للتعليل، مثل: وأحسن كما أحسن الله إليك.
قوله تعالى: (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ).
وقال: بعدها وقبلها (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ)، وأجيب بوجهين:
الأول: قال ابن عرفة: هذه خاصة بالأطفال، والتي قبلها عامة في العبيد والأطفال، فأتى منها بالآيات مطلقا غير مقيد بالإضافة وهذه خاصة، فعبر فيها بلفظ خاص، ومنهم من أجاب بأن الخطاب للبالغين فأسند الحكم فيه لله تعالى تخويفا لهم وتشديدا عليهم.


الصفحة التالية
Icon