قوله تعالى: (حَتى نَسُوا الذِّكرَ) يوهم [أنه بالتمتع ارتفع نسيان الذكر*]؛ لاقتضاء الآية مخالفة ما بعدها لما قبلها.
قوله تعالى: ﴿فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا... (١٩)﴾
يحتمل بالصرف البرهان [الصارف*] لهم عن اعتقاد الباطل، وبالنص تصحيح أقوالهم.
قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا... (٢١)﴾.. ، أبلغ من قوله: الذين يعتقدون عدم لقاءنا، لأن الأول يحتمل التكذيب باللقاء والشك فيه، وعدم الرجاء أبلغ من الجميع، لأنه لَا مطمع فيه بوجه.
قوله تعالى: (لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا)، لف ونشر، والاستكبار راجع لإنزال الملائكة عليهم، [والعتو*] لمطلب الرؤية، فإن قلت: ما أفاد قوله تعالى: (فِي أَنْفُسِهِمْ)؟ فأجاب الزمخشري: بأنهم أضمروا الاستكبار في أنفسهم، وهو الكفر والفساد، كما قال تعالى (إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ).
قال ابن عرفة: أو يجاب بأن المراد لقد استكبروا استكبارا راجعا إلى رؤياهم حيث جعلوا لها مسموعا على غيرها، وقد قال الله تعالى (وَاللَّهُ خَلَقَكُم وَمَا تَعْمَلُونَ) فهم مخلوقون لله فلا يمتنع أن يخص بعض خلقه بالنبوة والرسالة دون بعض.
قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (٣٠) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ... (٣١)﴾
قال ابن عرفة: عادتهم يقولون: لم عطف، وكذلك هنا بالواو ولم يعطفها في قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ)، قال: فكانوا يجيبون بأن الواو تقتضي الموافقة على ثبوت ما قبلها حسبما أشار إليه، في قوله تعالى: (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنْهُم كَلْبُهُم)، فقالوا ثم إن هذا القول هو الصحيح، وهو أنهم سبعة ولا شك أن اتخاذهم القرآن مهجورا أمر ثابت صحيح، وتنزيل القرآن جملة واحدة غير ثابت، فلذلك عطف الأول دون الثاني، وأجيب: بأن كذلك الثانية دخلت في الجملة وهي تعليل وسبب لما قبلها، فلذلك لم يعطف بخلاف الأولى، قال ابن عطية: وروي عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " [من علق مصحفا ولم يتعاهده جاء يوم القيامة متعلقا به يقول هذا اتخذني مَهْجُوراً افصل يا رب بيني وبينه*] ".


الصفحة التالية
Icon