قال الزمخشري: وعن [ابن عباس*]: ما من عام أقل مطر من عام، بل الأعوام كلها متساوية، وإنما يختلف مجمل إنزال المطر، ينزل في بعض البلاد دون بعض، ويقل في بعض ويكثر في بعض.
قال ابن عرفة: وهذا ما يمكن أن يقوله ابن عباس باجتهاده، وإنما هو مستند فيه إلى حديث سمعه من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، قيل لابن عرفة: قد قال الزمخشري: إنه تلا هذه الآية، فكأنه استدل بها على ما قال، فقال ابن عرفة: لَا دليل فيها بوجه.
قوله تعالى: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا... (٥١)﴾
أي لو شئنا، راحتك لبعثنا، ولكن أردنا تعبك في ذلك ليعظم لك الأجر والثواب.
قوله تعالى: ﴿فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ... (٥٢)﴾
ليس المراد النهي عن طاعتهم، فيما يأمرونه، وإنَّمَا المراد النهي عن طاعتهم في لازم ذلك، كأنهم يأمرونهم باتباع آلهتهم، ومن لازم ذلك كفه عن جهادهم، وعن دعائهم إلى الإيمان بالله ورسوله.
قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ... (٥٣)﴾
البناء على الضمير للاختصاص، والإتيان بالموصول في الخير تأكيد في الاختصاص؛ لأن قولك: وهو الذي فعل كذا يفيد الاختصاص.
قال ابن عرفة: فإن ابن عبد السلام حكى عن بعضهم في هذا، وفي قوله تعالى: (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ) أنه كان يستشكل الآية، ويقول أولها مناقض لآخرها، فإن قوله تعالى: (مَرَجَ) يعني اختلاطهما، وقوله تعالى: (بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ) يقتضي افتراقهما، قال: [وأجيب*]: بأن افتراقهما بالذات لكون المالح لَا يزال عذبا، واختلاطهما بالحس والمشاهدة، وقد ذكروا أن في تضمنه واد يصب فيه البحر المالح أحيانا فلا يغيره، ويصب هو في البحر أحيانا فلا يغيره، قال: وعادتهم يقولون: الأصل يقال: لقيت رجلين أحدهما صالح والإتيان باسم الإشارة فرع عن اسم الظاهر، فلما قال: (هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ)، وكذلك في سورة القصص: (فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ