قال الزمخشري: هو في غاية [الإذلال*] من فرعون والانخفاض لَا سيما على مذهب المعتزلة، لأنهم يشترطون في الأمر [العلو*]، وخصوصيته ترجع إلى المتكلم بالأمر، وأهل السنة إنما [شرطوا الاستعلاء*] وخصوصيته ترجع إلى نفس الأمر.
قوله تعالى: ﴿قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ... (٣٦)﴾
وقال ابن عرفة: إنما عبر بلفظ الإرجاء دون غيره دون لفظ التأخير والنظرة، مع أنهما مترادفان؛ لأن في مادة الإرجاء ما يدل على حصول الطمع؛ لأن الإنسان ما يترجى إلا ما يطمع في حصوله، قلت: ولهذا قال الإمام الغزالي رحمه الله: إن الطائع يترجى دخول الجنة، والعاصي يتمنى دخولها.
قوله تعالى: ﴿قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (٤٣)﴾
قال ابن عرفة: عوائد الطلبة يقولون: إن المعجزة هي ظهور الأمر الخارق للعادة في الخارج وفي نفس الأمر، والسحر هو الأمر الوهمي المخالف لما في نفس الأمر، وجاءت هذه على عكس هذه القاعدة، لأنها إذا كانت بيضاء للناظرين فقط، فبياضها وهمي مخالف لما في نفس الأمر، وإن كان معجزة فهي بيضاء فقط؛ لأن بياضها موقوف على الناظرين من هولهم، ولما في نفس الأمر، قلت: لعل المراد بالناظرين النظر المعنوي، وهو التدبر فيها والتفكر في دلالتها.
قوله تعالى: ﴿فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (٤٥)﴾
قال ابن عطية: [روى البزي وفليح عن ابن كثير شد التاء وفتح اللام وشد القاف (تَّلَقَّفُ)، ويلزم على هذه القراءة إذا ابتدأ أن يجلب همزة الوصل وهمزة الوصل لا تدخل على الأفعال المضارعة كما لا تدخل على أسماء الفاعلين*]، مع أنه لم يقرأ بذلك إلا في الوصل.
قوله تعالى: ﴿فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (٤٦)﴾
قال الزمخشري: فاعل ألقي هو الله تعالى [بما خوّلهم من التوفيق. أو إيمانهم. أو ما عاينوا من المعجزات الباهرة*] ولك أن لَا تقدر فاعلا؛ لأن (أُلْقِيَ) بمعنى خروا وسقطوا.
قال ابن عرفة: يريد أنهم ألقوا أنفسهم، وهذا يناسب مذهبه في أن الغالب خلق أفعاله.
قوله تعالى: ﴿قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٧)﴾
انظر كيف [العلم*] كله حسن حتى السحر؛ لأن علمهم هو الذي هداهم إلى إيمانهم بموسى عليه الصلاة والسلام، والعالم إن كتم مِن علمه شيئا يختص به مما لا يجب له [**ليماريه على المعلم]، وحكي عن الشيخ أبي علي ناصر ابن البخاري: أنه كان


الصفحة التالية
Icon