يقرئ ابن الحاجب [... ] فيه زيادات، فلما مات وجد عنده شرحه للشيرازي وفيه تلك الزيادات، ولقد دخلت على شيخنا ابن الحاجب في [**مرضه]، فجعلت أنظر في كتبه فمنعني من استيفاء النظر فيها، قال: لأن الشيخ يمتاز عن طلبته [بزيادات لأحراهم بها*].
قوله تعالى: ﴿قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ... (٤٩)﴾
قال ابن عرفة: كان [ابن*] عبد السلام ينقد على البرادعي في قوله في التهذيب [ويؤمر الْجُنُب*] بالوضوء قبل الغسل، فإن أخره بعده أجزأه، ويقال: إنما في أصل المدونة فإن غسل قبل وضوئه أجزأه، فظاهره أنه الغسل، وإن لم يؤمن [الحدث، فإن الوضوء*] أعم من الغسل، فبدل أبو سعيد اللفظ بلفظ لَا يدل على هذا، لأنك إذا قلت: جاء زيد قبل عمرو فإنه يقتضي الإخبار بمجيء زيد فقط، أعم من أن يكون عمرو جاء بعده ولم يجئ من أصل، ونظيره، قوله تعالى: (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ) إذ لَا يقع بعد الطلاق مس، وكذلك قوله تعالى: (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي)، لكن تلك الآية في جواب الشرط، والشرط لَا يدل على وقوع الشيء، ولا إمكان وقوعه، وهذه الآية من ذلك المعنى، لأن فرعون عليه اللعنة لم يقصد الإذن لهم بوجه لَا قبل الإيمان ولا بعده.
قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ (٥١)﴾
لأن الموجب (أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ)، فالجواب: أنه أفاد الوعد بالنظرة مطلقا سواء اتبعهم أو لم يتبعهم؛ لأن الوعد بالنظرة إذا كان مطلقا غير مقيد بالإتباع لا تحصل الطمأنينة لإمكان كونه في نفس الآية يقدر بعدم الاتباع، فإذا هم ينصرون عليهم، وإن اتبعوهم، قيل لابن عرفة: سواء متعد، فإذا دخلت عليه الهمزة صار متعديا بنفسه، فلم جمع بين الهمزة والباء، فقال: ذكر الجوهري في [سرى وأسرى بمعنى واحد*]، وقال السهيلي: في أول سورة الإسراء ذكروا أنهما غير متعدين، وهو غير صحيح، وإنما زعموا ذلك لعدم ذكر مفعول أسرى مع أنه مقدر تقديره: (سُبْحَانَ الَّذِي أسْرَى)، أي بعبده، إلى أن قال: (لَيلا)، سلمنا أنه متعد لكن الباء هنا ليست للتعدية، فلذلك صح الجمع بينهما.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (٥٤)﴾