التكذيب إما لحكم بعدم مطابقة الخبر للمخبر عنه، أو عدم الحكم بالمطابقة، وينبني على هذا أن الشاك هل هو مكذب أم لَا؟ وفي الآية إشكال: وهو أن التكذيب لا يصح أن يكون متعلقه (أَلَا تَتَّقُونَ)؛ لأنه طلب غير محتمل للصدق والكذب، ولا يصح أن يرجع لقوله تعالى: (إِنِّي لَكُم رَسُولٌ أَمِينٌ)؛ لأنه تعليل لذلك الطلب وتابع له، وليس مقصود بالذات، والجواب أنهم كذبوه في دعوى الرسالة المستلزم لتكذيبهم في كل ما جاء به.
قوله تعالى: ﴿أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (١٦٥) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ... (١٦٦)﴾
قيل لشيخنا ابن عرفة: هذا استفهام في معنى الإنكار عليهم، فإن تسلط الإنكار على كل واحد من المحتملين لزم عليه مخالفة القاعدة الشرعية، وهي اعتقاد وجوب النكاح لأجل ذمه على تركه، والذم على الترك من خصائص الوجوب، وإن تسلط على مجموع الجملتين [يفيد*] الجملة الجمعية، لزم عليه مخالفة القاعدة الشرعية، وهي اعتقاد وجوب النكاح لأجل ذمهم إن كان كون الثاني منصوبا فنحذف النون، مثل: لا تأكل السمك وتشرب اللبن، وأجاب ابن عرفة: باختيار الأول، ويكون الذم على ترك وطء الأزواج التي انعقد عليهن النكاح؛ لأن ذلك يصير حقا لهن عليهم فهو واجب، ونقول: بأن النكاح كان واجبا عليهم، لأنهم تركوه وهم واجدون الطول، قادرون على [**تزويج الحرام] وقد وقعوا في الزنا واللواط، وإما بأن نقول تسلط الإنكار على الجملة الأولى فقط، وهو أحد وجهين:
الرفع: من جواب الاستفهام أنه على الاستئناف، لكن فيه حذف الجملة الخبرية على الطلبية، وهو ممتنع عند أهل علم البيان، وأجازه جماعة من النحويين، قال ابن أبي الربيع: والصحيح منعه، قلت: هذا الجواب مجموع من كلام شيخنا ابن عرفة، وصاحبنا ابن القصار.
قوله تعالى: (كَذَّبَتْ ثَمُودُ)،
قال ابن عرفة: إنما هو في الخبر ومتعلقه هنا أمرا، لكن الجواب أن تكذيبهم له في دعوى الرسالة يستلزم عدم اشتمالهم أمره.
قوله تعالى: (نَافَةٌ لَهَا شِرْبٌ).
فيه الحذف من الأول لدلالة الثاني عليه، أي لها شرب يوم معلوم، ولكم شرب يوم معلوم.