قوله تعالى: ﴿أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (١٨١) وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (١٨٢)﴾
عبر عن الأول بالوفاء؛ لأنه الزيادة للقدر الواجب إذ هو محتاج إلى محاولة وتكلف مما [لا يتوصل فيه إلى تحقيق الخروج من العهدة إلا بالزيادة*] من القدر الواجب بخلاف القسطاس، فإنه يمكن فيه بتحقيق الخروج من العهد من غير زيادة.
قوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (٢٠٠)﴾
قال الزمخشري: أي على مثل هذه الحال من الكفر به، ومعناه في قلوبهم فلا يتغير وأعماهم عليه بوجه، قال: فإن قلت: كيف أسند السلك بصفة التكذيب إلى نفسه، وهو منزه عن القبائح؟ قلنا: أراد الدلالة على تمكنه في قلوبهم، وإنه أمر [جبلوا عليه*].
قال ابن عرفة: وعلى مذهبنا لَا يحتاج إلى هذا السؤال.
قوله تعالى: ﴿لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (٢٠١)﴾
من باب نفي الشيء بإيجابه، أي حتى يروا العذاب فيؤمنوا فلا ينفعهم إيمانهم.
قوله تعالى: ﴿فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً... (٢٠٢)﴾
قال ابن عرفة: عادتهم يقولون: إن فيها تناقضا؛ لأنهم إذا رأو العذاب لم يكن إتيانهم بغتة؛ لأن البغتة هو إتيان الشيء على [غفلة*] من غير شعور به، قال: وأجيب بأنهم يرونه بعيدا منهم فيظنون أنه غير واقع بهم فينزل بهم بغتة، أي يراد بإتيانه لهم بغتة، بمعنى أنهم لَا يرونه حتى ينزل بهم.
قوله تعالى: ﴿وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (٢١٠)﴾ وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ)
قال ابن عرفة: تنزل بعض من نزل؛ لأنه يقتضي تكلف الفعل بمشقة، ونفي الأخص لَا يستلزم نفي الأعم، لكنه هنا يستلزمه من باب أحرى، لأنه إذا نفى تنزيلهم لهم بمشقة فأحرى بغير مشقة، لأنهم إذا لم يقدروا عليه بمشقة فأحرى بغير مشقة.
قوله تعالى: ﴿وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ... (٢١١)﴾
أي وما يمكنهم فعله في أنفسهم، (وَمَا يَسْتَطِيعُونَ)، أي: ولا يجدون معينا على فعله، فالأول: يقتضي فعل قبولهم بفعله [بخاصة*] أنفسهم، والثاني: اقتضى تعين قبولهم بفعله [بمعينٍ*] عليه.