ابن عرفة: قال: وإن كان السبب أقوى من إنكار السببية، فهذا كالجهل المركب بخلاف العكس فلذلك عطفه في الآية بالفاء دون الواو.
قوله تعالى: ﴿قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا... (٣٨)﴾
قال ابن عرفة: عبر بلفظ الملأ ولم يقل: يا أيها الجند؛ لأن الملأ هم الأشراف، وهو إنما خاطب بذلك من له قوة وعلم، ولفظ الملأ يشمل من جمع الأمرين ومن اتصف بأحدهما، ولم يتناول رعاع النَّاس بوجه.
قوله تعالى: (أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا).
إشارة إلى أنه علم أن فيهم من يأتيه بعرشها، وإنما طلب منهم تنبيه فقط، ولو قال: هل فيكم من يأتيني بعرشها لكان شاكا، هل فيهم من يقدر على الإتيان به أم لَا؟
قوله تعالى: ﴿وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (٣٩)﴾
ابن عرفة: قالوا: هذا يقتضي ذم الدعوى، وكل مدع فدعواه توقع إلا إذا كان لدعواه موجب، كقول يوسف عليه السلام (اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ)، فإن موجب ذلك القيام بالحكم الشرعي ليوصل كل ذي حق لما حقه.
قوله تعالى: ﴿لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ... (٤٠)﴾
قال الأصوليون من أهل الفقه: أفعال الله غير معللة، وما ورد من تعليلها، فإنما هو باعتبار الربط العادي، وأحكامه فيها قولان: هل هي معللة أم لَا؟ ولهذا قال ابن الحاجب: مسألتان على التنزيل، أي على النزل مع الخصم إلى مذهبه في قاعدة التحسين والتقبيح.
قوله تعالى: ﴿قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا... (٤١)﴾
قال الأصوليون: إذا كان إسقاط بعض الألفاظ لَا يخل بالمعنى فإثباته حشو لا فائدة له، فحينئذ يقول: ما أفاد قوله لها؟ قلنا: أفاد أن تنكيره إنما هو لمن ينكر بعرف، ويحيط به بأنها نكرة لها لأنها أعرف النَّاس به.
قوله تعالى: (نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ).
وليس هو بمعنى التفكر، وإنما المراد [نختبر أو نعلم أو ننتظر اهتداءها*]، وأم هنا متصلة، وهي التي يقع بعدها المفرد، أو ما هو في قوته، فإن قلت: قال ننظر أتهتدي أم لَا، كما تقدم السؤال، في قوله تعالى: (أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ)، لكن